القطا: الطير المعروف، واحدته قطاة، وتقدم إنّها تعد في الحمام. وتبيض ولا تزيد غالبا على ثلاث بيضات، ومن ثم يقال للقطا أم ثلاث. قال الشاعر:
وأم ثلاثٍ شببن عققنها ... وإنَّ متن كان الصبر منها على صبر
وحضانة الأولاد معروفة، وأصل الحضن جعل الشيء تحت الإبط. والاجدل هو الصقر، مشتق من جدل وهو القوة، وغلبت عليه الصفة. وهذا المثل يضرب في الضعيف يستند إلى القوي ويأوي إليه.
[بين الصبح لذي عينين.]
معناه أنَّ الليل لا ظلامه يستوي فيه البصير والأعمى، فإذا أقبل الصبح تبينت الأشياء لكل ذي بصر فأدركها. أو معناه أنَّ الصبح لظهوره يدركه كل ذي بصر لا يمتري فيه ولا يلتبس عليه. يضرب في الشيء يتضح وينجلي بحيث لا يتطرق إليه التباس. ويقال أيضاً: وضح الصبح لذي عينين. وأصل المثل لقيس بن زهير العبسي صاحب الحروب بين عبس وذبيان بسبب الفرسين داحس والغبراء. وسنشرح ذلك في موضوعه إن شاء الله تعالى. وكان قيس داهية من دهاة العرب، يضرب به المثل في ذلك كما سيأتي. فحكي أنَّ رجلاً مر بحي الاحوص، فلما دنا من الحي نزل عن راحلته فعمد إلى شجرة فعلق عليها سقاء من لبن، وجعل بعض أغصانها حنظلة، ووضع صرة من تراب وصرة من شوك، ثم أستوى على راحلته وانطلق. فنظر القوم إلى ذلك فعمي عليهم أمره، فأرسلوا إلى قيس بن زهير، فلما جاءهم قال له الأحوص: المثل تخبرني أنه لا يرد عليك أمر إلاّ عرفت مأتاه؟ قال: ما ذلك؟ فأراه ذلك، فقال: وضح الصبح لذي عينين. فأرسلها مثلا، ثم قال: هذا رجل أسره جيش " قاصد " إليكم، ثم أنطلق بعد أن أخذ عليه العهد والميثاق أن لا ينذركم، فعرض لكم بما ترون. أما الصرة من التراب فأنه يزعم أنه أتاكم عدد كثير؛ وأما الحنظلة فإنه يزعم أن بني حنظلة قد غزتكم، وأما الشوك فيخبر إنَّ لهم شوكة، وأما اللبن فإنه دليل على قرب القوم أو بعدهم إنَّ كان حلواً أو حامضاً. فأشتد القوم فكان كما قال.