للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والهول أدرك نهايته كما قال الراجز: قد بلغ السيل الزبى فلا غير. أي قد عظم الأمر عن أن يغير ويصلح. وكتب أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أيام حصير إلى أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أما بعد فقد بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين وطمع في من لا يدفع عن نفسه ولم يفخر عليك كضعيف ولم يغلبك مثل مغلب فأقبل إلي على أي أمريك أحببت:

فأما كنت مأكولا فكن خير آكل ... وإلاّ فداركني ولمّا أمزق

وهذه أمثال أخرى سيأتي كل منها في موضعه إن شاء الله تعالى. وقال أبو بكر بن دريد رحمه الله:

لست إذا ما بهضتني غمرة ... ممن يقول: بلغ السيل الزبى

ومن أبلغ ما جاء في وصف قوة السيل قول امرئ القيس:

كأن ذرى رأس المجيمر غدمة ... من السيل والغثاء فلكة مغزل

والقى بصحراء الغبيط بعاه ... نزول اليماني ذي العياب المخول

كأن اسودا فيها غرقى غدية ... بأرجائها القصوى أنابيش عنصل

والمحيمر: جبل وذراه أعالي وفلكة المغزل التي يدور بها معرفة. يريد إنَّ السيل قد أحاط بهذا الجبل، فكأنه يدور فلذا شبهه بفلك المغزل فهو من التخيلات. والغرقى جمع غرق والأرجاء: النواحي والقصوى: البعيدة والعنصل: البصل البري المعروف. والأنالبيش جمع انباش والأنباش جمع نبش وهو أصل المنبوش. يريد إنَّ هذا السيل لكثر أغراق السياع فصارت طافية فوق الماء كأنها انبش العنصل يقتلعها السيل.

[بلغ الشظاظ الوركين.]

الشظاظ بكسر الشين وبظاءين مشالتين بينهما ألف: عويد يجعل في عروة الجوالق. قال الراجز:

أين الشظاظين وأين المربعة ... وأين سقف الناقة الجلنفعة

يقال شظظت الجوالق: شددت عليه شظاظه وأشظظته: جعلت له

<<  <  ج: ص:  >  >>