الحيرة تقدمت، والضب معروف يوصف بالحيرة، وذلك انهم يزعمون إنَّ في طبعه النسيان وعدم الهداية، ولذلك يحفر حجره عند صخرة، أو في أكمة ليلا يضل عنه إذا خرج لطلب الطعام، وذلك توجد براثينه كليلة من حفرة الكدى والأماكن الصلبة، كما قال خالد بن علقمة:
ترى الشر قد أفنى دوائر وجهه ... كضب الكدى أفنى براثينه الحفر
وتقدم شيء من هذا في الباء.
[الحية من الحيية.]
الحية معروف يقع على الذكر والأنثى، والتاء فيه للوحدة من الجنس، كالبطة والدجاجة وحكى بعض الأقدمين: رأيت حيا على حية، أي ذكر على أنثى.
ومعنى المثل أنَّ الأمر العظيم ينشأ عن الأمر الصغير، وهو كقولهم: العصا من العصية، وسيأتي. وقريب من قولهم: إنَّ السقط يحرق الحرجة، وقد تقدم. وقد جعل بعضهم نظير هذا المعنى من كتاب الله قوله تعالى:) ولا يلدوا إلاّ فاجرا كفارا (.
[أحيى من ضب.]
يقال: حيي الشيء بالكسر يحيى حياة فهو حي؛ والضب معروف ووصف بكثرة الحياة وطول عمره. فقد ذكر إنّه يعيش سبعمائة سنة أو أكثر، ولا تسقط له سن، ويبول كل أربعين يوما مرة واحدة. قال الشاعر:
إنك لو عمرت عمر الحسل ... أو عمر نوح زمن الفطحل
والصخر مبتل كطين الوحل
والحسل بالكسر ولد الضب ومن ثم يقال للضب أبو حسل؛ والفطحل على مثال هزبر فيما يزعمون: زمان كانت الصخر فيه رطبة.