للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محتمل وأظهر منه إنَّ يريد بالحياة عند التقدم ما يكتسبه من شرف الذكر الباقي بعده. فإنَّ بقاء الاسم والذكر والمآثر والمفاخر حياة انفع عند ذوي الهمم من حياة الجسم مع سبة الفرار واللوم. فكأنه يقول: تأخرت أستبقي حياة جسمي فبدالي الله تعالى الحياة الأخرى افضل لي. ولو كان على ما قاله البكري لم يكن لافتخاره محل لأنّه إنّما يطلب الحياة بإقدامه ولم يقدم شجاعة ولقاء بأس فإقدامه كالفرار ولا فضيلة له وهذا باطل. وقد قال بعد هذا البيت:

وليس على الإدبار تدمى كلومنا ... وكان على أقدامنا تقطر الدما

وقول أبي الطيب:

يرى الجبناء أنَّ الجبن حزمٌ ... وتلك خديعة الطبع اللئيمِ

وحتما.

[شحمتي في قلعي.]

الشحمة: القطعة من الشحم وهو معروف؛ والقلع بفتح القاف وسكون اللام وتحرك أيضاً شيء يجعل فيه الراعي زاده وأداته يشبه الكنف بكسر الكاف وهو وعاء أدوات الراعي. قال الراجز:

يا ليت أني وقشاماً نلتقي ... وهو على ظهر البعير الأورقِ

وأنا فوق ذات غربٍ خيفق ... ثم اتقي وأي عصر اتقي

بعلبةٍ وقلعه المعلقِِ

يضرب هذا المثل في الشيء يكون في ملكك وحوزك تتصرف فيه كيف شئت كما أنَّ الشحمة إذا كانت في قلعك كذلك.

شحيمةٌ في حلقي.

الشحيمة تصغير الشحمة وتقدم؛ والحلق بفتح الحاء المهملة الحلقوم. وهذا المثل مما وضع على لسان الذئب. يقولون: قيل للذئب: ما رأيك في غنيمة ترعاها جويرية؟ قال: شحيمةٌ في حلقي يعني إنّها حاصلة بلا تعب

<<  <  ج: ص:  >  >>