للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبل البيت:

عشية غادرت الجليس كأنما ... على النحر منه لون بردٍ محبرِ

جمعت له كفي بلدنٍ يزينه ... سنان كمصباح الدجى المستعرِ

فلم أرقه " البيت " وإنّما قال هذا لأنَّ العرب كانت تزعم أنَّ المطعون يبرأ إذا نفث عليه الطاعن ورقاه. قال عنترة:

فإن يبرأ فلم أنفث عليه ... وإن يفقد فحق له الفقدُ

وقال عمرو بن ثعلب الشيباني:

أتبعته طعنة مرةً ... يسيل على النحر منها صبيبُ

فإن ينجُ منها فلم أرقه ... وإن قتلته فجرحٌ رعيبُ

ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل؟

الفتيان جمع فتى. ودخل الرجل بالفتح والكسر: نيته ومذهبه من جميع أمره. وكذا دخيله ودخلله ودخيلاؤه.

ومعنى المثل أنك قد ترى الرجال حسان الظواهر والزي ولا تعرف حقيقة أمرهم وحال باطنهم. يضرب لمن له منظر حسن ولا خير عنده.

قيل: وأوّل من نطق به غنمة أو عثمة بنت مطرود البجلية وكانت امرأة عاقلة ذات رأي مسموع في قومها. وكانت لها أخت يقال لها خود ذات جمال وكمال. فقدم عليهم ذات مرة خمسة أخوة من غامد بطن من أزد يخطبون أختها خودا وهم في زي مونق لابسو الحلل اليمانية على النجائب المهرية والرحال العلافية مكسوة بالثياب العبقرية. فأنزلهم أبوها وأكرمهم. ثم غدوا عليه خاطبين معهم الشعثاء كاهنة لهم. فقال لهم مطرود: أقيموا حتى نرى رأينا. ثم دخل على بنته فقال: ما ترين؟ فقالت: أنكحني على قدري ولا تشطط في وهري: فإن تخط أحلامهم لا تخط أحسابهم. لعلي أصيب ولدا وأكثر عددا! فخرج إليهم وقال لهم: اخبروني عن أفضلكم؟ فقالت له الشعثاء: اسمع أخبرك عنهم! هم أخوة كلهم أسوة. أما الكبير فعمرو بحر غمر،

<<  <  ج: ص:  >  >>