أرجو لكم أن تكونوا في مودتكم ... كلبا كورهاء تقلى كل صفار
لمّا أجابت صفيرا كان آتيها ... من قابس شيط الوجعاء بالنار
وهذه المرأة التي ذكرها الكميت وضرب بها المثل امرأة من العرب كان من حديثها إنَّ رجلا كان يعتادها فكان يأتيها وهي جالسة مع زوجها وبنيها فيصفر لها فإذا سمعت صفيره أخرجت إليه عجيزتها من وراء البيت وهي تحدث ولدها فيقضي منها وطره ويرجع. ثم إنَّ بعض بنيها فطن للأمر فلما جاء صاحبها وصفر بها فأخرجت عجيزتها على العادة فأخذ مسمارا محمى كان معه فكوى به صدغها حتى أحست بالموت وتجلدت. فلما جاء الخدن بعد ذلك وصفر بها قالت: لقد قلينا صفيركم فضرب بها الكميت المثل.
[أجبن من الكروان.]
الجبن تقدم. والكروان بفتحتين طائر يشبه البط لا ينام الليل. وقيل هو الحجل. وانشد الجوهري:
يا كروان صك فاكبأنا ... فشن بالسلح فلما شنا
بل الذنابي عبسا مبنا
ويقال: أراد به الحبارى يصكه النازي فيتقيه بسلحه ويقال هو الكركي. ويقال للأنثى كروانة. ويقال للذكر الكرا ومنه المثل الآتي: أطرق كرا. وثقال إنّه سمي بالكرا وبالنعاس ضد ما كان عليه لمّا مر من إنّه لا ينام وهو أيضاً موصف بالجبن الكثير والفزع من سباع الطير كما قال الشاعر في خالد بن صوفان:
ترى خطباء الناس يوم ارتجاله ... كأنهم الكروان عاين اجدلا
والكروان بالكسر فالسكون جمع الكروان السابق. وقال الآخر:
أمير أبو موسى ترى الناس حوله ... كأنهم الكروان ابصرن بازيا
وسيأتي الكلام عن قولهم: أطرق كرا إن شاء الله تعالى.
[أجبن من المنزوف ضرطا.]
الجبن مر والنزف: النزح. يقال نزفت ماء العين انزفه أي نزحته