ويشبه ما وقع لابن ضابئ ما وقع لأبي شجرة السلمي، وكان من فتاك العرب. فأذى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ليحمله، فقال له عمر: ومن أنت؟ قال: أنا أبو شجرة السلمي. فقال له عمر: ألست القائل، حيث ارتددت:
ورويت رمحي من كتيبة خالدٍ ... وإني لأرجو بعدها أعمرا
وعارضتها شهبا تخطر بالقنا ... ترى البيض في حافاتها والسنورا؟
ثم أنحى عليه بالدرة. فسعى إلى ناقة وحل عقالها وأقبل بها حرة بني سليم باحث سير هربا من الدرة وهو يقول:
قد ضن عنها أبو حفص بنائله ... وكل مختبط يوما له ورق
فمال يضربني حتى خذيت له ... وجال من دوني بعض الرغبة الشفق
ثم التفت إليها وهي حانية ... مثل الرتاج أنا ما لزه الغلق
في أبيات.
وقوله: وكل متخبط يوما له ورق، أي كل مسؤول فله فضل يسيده، ونوال يوليه وأصل في الشجرة انك تختبطها ببعضها ونحوها، فيسقط ورقها. قال زهير:
وليس مانع ذي قربى ولا رحمٍ ... يوما ومعدم من خابط ورقا
قوله: حتى خذيت له، يقال: خذاله، وخذئ له بالفتح والكسر مهموزا واستخذى له، إذا خضع له وانقاد؛ وخذا يخذوا وخذوا إذا استرخى وخذيت أذنه بالكسر تخذى، إذا استرخت من أصلها وانكسرت، مقبلة على الوجه. فيحتمل أنَّ يكون قوله: خذيت له، من المهموز أو غيره.
[اشتدي أزمة تنفرجي!]
الاشتداد تقدم، والأزمة: الشدة والقحط، يقال: أصابتهم سنة أزمتهم أزما، أي استأصلتهم، وأزم الدهر إي اشتد وقل خيره؛ وأزم الرجل بصاحبه: لزمه، وألزمه: عضه؛ والانفراج: الانفتاح والاتساع. وهذا اللفظ حديث يروى. ولمّا كانت الحكمة الإلهية جرت بتنقلات الحوادث وتحولات الأحوال، وعدم استقرارها على حال، صارت الشدة إذا تناهت لم يعقبها إلاّ الفرج، كما أنَّ الفرج إذا تناهى لم يعقبه