المصاب وينعق بين الخلان والأحباب إن رأى شملا مجتمعا أنذر بشتاته ربعاً عامرا أنذر بخرابه ودروس عرصاته يعرف النازل والساكن بخراب الدور والمساكن ويحذر الآكل غصة المأكل ويبشر الراحل بقرب المراحل ينعق بصوت فيه تحزين كما يصيح بالتأذين. وأنشد على لسان حاله:
أنوح على ذهاب العم مني ... وحق أن أنوح وأن أنادي
وأندب كلما عاينت ربعاً ... حدا بهم أوشك البين حادي
وتقدم تمام هذه القصيدة في الدال.
أشأم من قدارٍ.
قدار بالقاف والدال المهملة على مثل غراب هو قدار بن سالف عاقر الناقة والقدار: الجزار. وقد قيل إنَّ قدارا هذا كان جزارا.
وقد يقال في المثل: أشأم من أحمر ثمود وهو قدار المذكور. قال زهير:
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطمِ
قيل: أراد " أحمر ثمود " فغلط. وقيل ثمود من عاد وكان من خبره في عقر الناقة على اختصار أنَّ ثمودا كانت تبني على طول أعمارها. فاتخذوا من الجبال بيوتا يسكنوها في الشتاء كما قال الله تعالى وبنو قصرا يسكنونها في الصيف. فلما بعث الله إليهم صالحا على نبينا وعليه الصلاة والسلام قال له زعيمهم: إن كنت صادقا فأظفر لنا من هذه الصخرة ناقة على صفة كيت وكيت! فأتى الصخرة فتمخضت كالحامل وانشقت عن الناقة ثم تلاها سقبها. فآمن به كثير منهم. فكان شربها يوما وشربهم يوما. فإذا كان يوم شربها حلبوها فملؤوا من لبنها كل إناء ووعاء. فلما امتنعت إياهم من الماء في يوم شربها استثقلوها. وكان فيهم امرأتان: عنزة وصدوق بذلنا أنفسهما لقدار على أن يعقر الناقة. وكان قدار أشقر أزرق قصيرا. وكان له صديق يعينه على الفساد في الأرض وكانا في تسعة من أهل الفساد. فضرب قدار عرقوبها بسيفه وضرب صاحبه العرقوب الآخر والتهموا لحمها. فخرجت ثمود إلى صالح وتزعم أنها لا ذنب لها.