واصله إنَّ أبا يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن أحد الملوك الموحدين بمراكش كان بينه وبين الادفونش النصراني صاحب طليطلة لعنه الله مكاتبات. فكان منها رسالة كتب بها الادفونش إلى الأمير يعقوب يتوعده ويتهدده ويطلب منه بعض الحصون من إنشاء وزيره أبن النجار وهي:
" باسمك اللهم فاطر السماوات والأرض وصلى الله على السيد المسيح وروح الله وكلمته الفصيح. أما بعد فانه لا يخفى على ذي ذهن ثاقب وعقل لازب انك أمير الملة الحنيفة كما أنا أمير الملة النصرانية. وقد علمت ما عليه رؤساء الأندلس من التخاذل والتواكل والتكاسل وإهمالهم أمر الرعية وإخلادهم إلى الأمنية. وأنا أسموهم بحكم القهر إخلاء الديار وإسباء الذراري وأمثل بالرجال وأذيقهم عذاب الهون وشديد النكال. ولا عذر في لك في التخلف عن نصرتهم إذا أمكنتك يد القدرة وساعدك وعسا كرك وجنودك رأي وخبرة. وانتم تزعمون إنَّ الله تعالى قد رفض عليكم قتال عشرة منا بواحد منكم الآن خفف الله عنكم وعلم إنَّ فيكم ضعفا رحمة منه ومنا ونحن الآن نقاتل عشرة منكم بواحد منا إذ لا تستطيعون دفاعا ولا تملكون امتناعا. وقد حكي عنك انك أخذت في الاحتفال وأشرفت على ربوة القتال وتماطل نفسك سنة بعد أخرى وتقدم رجلا وتؤخر أخرى. فلا ادري أكان الجبن أبطأ بك أم التكذيب بما وعدك به ربك إلى آخر الرسالة وفيها طول فلما وصل الكتاب إلى أمير المسلمين مزقه وكتب على قطعة منه: ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم أذلة وهم صاغرون. الجواب ما ترى لا ما تسمع وتمثل ببيت أبي الطيب في مدح سيف الدولة: