فأخذ ذلك وقسمه على أصحابه.
وقوله: ومبلغ نفس عذرها مثل منجح: مثل سائر عند القوم: ويريد به أنَّ من جد في الطلب، عانى المشقة والتعب، فهو إنَّ ظفر فذلك ما يسعى إليه، وإنَّ لم يظفر فلا ملامة عليه، كما قال امرؤ القيس: نحاول ملكا أو نموت فنعذرا وقال أبن هرمة:
يحب المديح أبو ثابتٍ ... ويفرق من صلة المادح
كبكر تشهى لذيذ النكاح ... وتجزع من صولة الناكح
وقال الحماسي عمرو بن الاطنابة الأنصاري:
أبت لي عفتي وأبى بلائي ... وخذي الحمد بالثمن الربيح
وإجشامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت: ... مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات ... وأحمي بعد عن عرضٍ صحيح
الإجشام: الإكراه على تحمل المشقة؛ والمشيح والشائح: الجاد في الأمر؛ وجشأت نفس الرجل: تحركت واضطربت من جزع أو حزن؛ وجاشت: ماجت واضطربت، ومنه الجيش، لموجانه بعضه في بعض؛ والمآثر ما يذكر عن الإنسان ويؤثر عنه؛ والعرض الصحيح: الذي لم يتعلق به عيب فيمرضه.
وقال جميل بن معمر:
أريد صلاحها وتريد قتلي ... فشتى بين قتلي والصلاح!
وقبله:
تنادى آل بثنة بالرواح ... وقد تركوا فؤادك غير صاح
فيا لك منظرا ومسير ركبٍ ... شجاني حين أمعن في الفياحي
ويا لك خلة ظفرت بعقلي ... كما ظفر المقامر بالقداح!
وبعده أريد صلاحها " البيت "
لعمر أبيك لا تجدن عهدي ... كعهدك في المودة والسماح