ينشد السادات الصوفية: كريم ما يغيره صباح، الخ، يتمثلون بذلك عند التنبيه على أنَّ التعرض لمواهب المولى جلة كلمته، ومزيد منحه الجميلة ومنه الجزيلة بطريق الثناء والشكر والذكر وكثرة التحميد والتبجيل والتعبد والمجاهدة، أبلغ من التعرض لذلك بمجرد الدعاء طلبا لنيل حاجة. وهذا ورد في كلام الشارع صلوات الله وسلامه عليه: أفضل الدعاء الحمد لله! وقال تعالى:) لئن شكرتم لأزيدنكم (. وهذا مقام يبين في محله. وقال أبو نواس الحسن بن هانئ:
دع عنك لومي فإنَ اللوم إغراءُ ... وداوني بالتي كانت هي الداءُ
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجرٌ مسته سراءُ
حتى قال:
لتلك أبكي ولا أبكي لمنزلةٍ ... كانت تحل بها هندٌ وأسماءُ
فقل لمن يدعي في الحب معرفةً ... عرفت شيئاً وغابت عنك أشياءُ
والذي يتمثل به منها كثيرا الشطر الأول والأخير. أما الأول فقد أخذه أبن قلاقس فقال:
فدعي الملامة في التصابي واعلمي ... أنَّ الملامة ربما تغريني
واكثر الشعراء في هذا النحو وكلهم مقتبسون منه حائمون عليه. فمن ذلك قول أبن شرف:
قل للعذول: لو أطعت على الذي ... عاينته لعناك ما يعنيني
أتصدني أم للغرام تردني ... وتلومني في الحب أم تغريني؟
دعني فلست معاقبا بجنايتي ... إذ ليس دينك لي ولا لك ديني
وقول الآخر:
وما عذولي ناهيا عنكم ... لكنه بالصبر أمارُ
قال: اسلهم إن لم تطق هجرهم ... قلت له: النار ولا العارُ