الأخباريون يزيد بعضهم عن بعض ويدخل حديث بعضهم في بعض، إنَّ جذيمة هذا وهو جذيمة بالذال المعجمة المكسورة أبن مالك بن فهم بن الأوس بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن يشرب بن يعرب بن قحطان. وقد قيل إنه من العرب الأولى من إياد بن أميم وكان بياض. فكرهت العرب أن تقول أبرص فقالت له أبرش والواضح. وقيل: الصواب أنَّ الواضح غير هذا. وقيل: سمي الأبرش لأنه أصابه حر ونار فبقي فيه نقطا سوداء وحمراء. كان ملك الحيرة وما حولها ستين سنة، وكان زمان ملوك الطوائف وكان يغير على من حوله من الملوك حتى غلبهم على كثير مما في أيديهم. وهو أول من أوقد له الشمع ونصب المجانيق للحرب. ثم إنَّ جذيمة غزا الحضر وهي مدينة بين دخلة والفرات. وإياه عنى عدي بن زيد العبادي بقوله:
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة ... تجبى إليه والخابورُ
شاده مركراً وجلله كلسا ... فللطير في ذراه وكورُ
وكان صاحب الحضر إذ ذاك عمرو بن الظرب، وهو أبو الزباء كان ملك على الحضر، فظفر به جذيمة وقتله. وذهبت بنته الزباء مطرودة نحو الروم، وكانت من أجمل نساء زمانها، وكان لها شعر إذا أرسلته غطى بدنها وبذلك لقبت بالزباء وهي تأنيث الأزب أي الكثير الشعر. وعلى هذا فاسمها ممدود. وقال البكري: الزباء ألفها مقصورة. قال: وقد رد العلماء فيه المد لأنه تأنيث زبان الاسم المستعمل. فأما الزباء ممدودا فإنما هو تأنيث أزب، لم يستعمل اسما وإنما هو صفة للكثير شعر البدن. قال: والشاهد لمّا قلناه قول عدي بن زيد:
فأضحت في مدائنها كأن لم ... تكن زبا لحاملةٍ جنينا
قلت: وما أراه إلاّ وهما وغلطا، وذلك إنَّ فعاى بالقصر إنّما تأتي تأنيث فعلان، كعطشان وسكران. وزبان الذي هو اسم إنّما هو فعال أصيل النون من مادة الزبن والمزابنة لا فعلان. ومادة زبب لم يرد منه إلاّ زبان لصاحب الزبيب، وأزب للكثير الشعر. والأول لا يرد منه فعلى بالقصر كما من عشاب وبقال وحمَّار. وكذا الثاني، إنّما يرد منه فعلاء بالمد كأحمر وأشهب وأوطف وأجرد ومؤنثه حمراء