وأجازها قذفات كل تنوفة ... وكر العقاب بها وبيت الأعصم
فوطئن أوكار الأنوق ... وروعت منها وبات المهر ضيف الهيثمِ
وزعموا أنَّ رجلا أتى معاوية رضي الله عنه فقال له: زوجني هند! يعني أمه. فقال: لا أرب لها في زوج. قال: فولني كذا! فأنشد معاوية:
طلب الأباق العقوق ... فلما لم يجده أراد بيض الأنوقِ
والأبلق العقوق: الذكر الحامل وسيأتي وهو محال. فكأنه يقول طلب أمرا محالا، فلما أعجزه طلب أمرا بعيدا لا يناله. واعترضت الحكاية بأن أم معاوية ماتت سنة أربع عشرة، فكيف يطلب تزويجها يوم الولاية؟ وحكيت على وجه آخر يصح وهو أنَّ رجلا أتاه فقال له: افرض لي شيئا! قال: نعم! فقال: ولولدي؟ قال: لا! قال: ولعشيرتي؟ فأنشد البيت.
قلت: وعلى كلا الوجهين لم يقع الانتقال موقعه لأنه إنما يحسن عندما يكون من الأضعف إلى الأقوى ولم يوجد ذلك في البيت على شيء من المجهين: فانه في أحدهما من المحال إلى الممكن البعيد وفي الآخر: من البعيد إلى البعد ضرورة أن الفرض للعشيرة أبعد من الفرض للولد وإن كان السائل يغتر بشبهة أنه لمّا فرض له أغنى ذلك عن الولد فلم يبق له استحقاق الفرض وكانت العشيرة أولى منه ولذا سأل لها بعده. ومن اللغويين من قال: إنَّ الأنوق الذكر من الرخم ووجدان البض له محال. ولا إشكال حينئذ إذ القصد النداء على ضلال السائل وحيويته حيث جعل ينتقل من محال إلى محال. ومنهم من قال: الأنوق يطلق على الذكر والأنثى والله أعلم.
فائدة: قيل وفي الرخمة عشر خصال: تحضن بيضها وتمنع فرخها ولا تمكن من نفسها غير زوجها وتقطع في أول القواطع وترجع في أول الرواجع وتألف ولدها.
هي مع ذلك تحمق كما قيل:
وذات اسمين والألوان شتى ... تحمق وهي كيسة الحويلِ
أي الحيلة. والرخمة أحد لئام الطير وهي: الرخمة والغراب والبوم.