للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ الأسود اسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب السلب

وكانوا يرون الفضيلة عند اللقاء إنّما هي في الاهتمام بضرب الهام دون جمع الحطام. ومنه قول عنترة:

هلا سألت القوم يا أبنت معبد ... إنَّ كنت جاهل بما لم تعلم

إذ لا أزال على رحالت سابح ... نهد تعاوره الكماة معلم

طورا يعرض للطعان وتارة ... يأوي إلى حصد القسي عرمرم

يخبرك من شهد الوقيعة إنني ... أغشى الوغى واعف عند المغنم

وهذا المعنى هو الذي نبه عليه الأول وأوضحه. وقد أكثر الشعراء في هذا المعنى. ولمّا سيق إلى المعتصم المازيار أسيرا فأمر بصلبه قال له: من علي ولك أموال جليلة الخطر! فأبى وانشد:

إنَّ الأسود اسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب السلب

وقال أيضاً:

إذا ما شبت حسن الدين ... منك بصالح الأدب

فمن شئت كن فلقد ... فلجت بأكرم النسب

فنفسك قط أصلحها ... ودعني من قديم آب

اصله قوله تعالى: إنَّ أكرمكم عند الله اتقاكم. وقال أبو الطيب:

ومن سر أهل الأرض ثم بكى أسى ... بكى بعيون سرها وقلوب

وقال:

وقد فارق الناس الأحبة قبلنا ... وأعيى دواء الموت كل طبيب

سبقنا إلى الدنيا فلو عاش أهلها ... منعنا بها من جيئة وذهوب

تملكها الآتي تملك سالب ... وفارقها الماضي قراق سليب

ولا فضل فيها للشجاعة والندى ... وصبر الفتى لولا لقاء شعوب

وأوفى حياة الغابرين لصاحب ... حياة امرئ خانته بعد مشيب

<<  <  ج: ص:  >  >>