للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا خير فيه غير أنَّ قيل واجد ... وإنَّ له كشحا إذا قام أهضما

وإنَّ نساء الحي يركضن حوله ... يقلن: عسيب من سرارة ملهما

له شربتان بالنهار وأربع ... من الليل حتى آض سخدا مورما

ويشرب جزيرة يغمر المحض قلبه ... وإنَّ أعطه أترك لقلبي مجثما

كأنَّ السلاح فوق شعبة بانة ... ترى نفخا ورد لأسرة أصحما

وكان عبد عمرو أجمل أهل زمانه جسما وكشحا، وذلك وصفه بالكشح الأهضم، أي الضامر العسيب: عسيب النخل. وملهم: موضع باليمن ذو نخل، وسرارته أكرم موضع فيه، وكذا سرارة كل واد. والسخد: الورم وقيل السلا. شبه جسده في نعمته ورجرجته بالورم أو السلا المنتفخ؛ والنفخ: انتفاخ البطن، وقوله: ورد الأسرة، أي أسرته مرودة بالطيب والزعفران حتى صار أصحم، وهو الأحمر المائل إلى السواد. وهذا كله من أوصاف النساء، لا الرجال، وهو هجو خبيث. ثم إنَّ عمرو بن هند خرج يوما إلى الصيد ومعه عبد عمرو، فرمى عمرو حماراً فقعره، فقال لعبد عمرو: أنزل فاذبحه! فنزل وعالجه فأعياه الحمار وضحك منه عمرو بن هند وقال: لقد أبصرك طرفة حين قال: ولا خير فيه. . " البيت ". فيروى إنّه لمّا قال له ذلك، قال عبد عمرو، أبيت اللعن! ما قال لك أشد مما قال لي. قال: وما قال؟ فأنشده الأبيات السابقة. فغضب عمرو وقال: قد بلغ من أمره أن يقول! فأرسل إليه ليكتب له إلى رجل من عبد القيس بالبحرين، وهو المعلى، وكان عامله عليها، ليقتله. فقال بعض جلسائه: إنّه حليف المتلمس، فإنَّ أوقعت بطرفة هجاك المتلمس. فأرسل عمرو إلى طرفة والمتلمس، فأرسل عمرو إلى طرفة والمتلمس معا، فأتياه، وهو بالبقة، قريبا من الحيرة، فكتب إلى عاملة بالبحرين ليقتلهما، وأخفي ذلك عنهما أنَّ ارتياح عمرو لي ولك لأمر مريب، وإنَّ انطلاقي بصحيفة لا أدري ما فيها لغرور فقال طرفة: أنك لمسيء الظن. وما تخشى من صحيفة إنَّ كان فيها الذي وعدناه، وإلاّ رجعنا إليه، فأبى المتلمس، وأبى طرفة أنَّ يجيبه، ففض المتلمس خاتم صحيفته

<<  <  ج: ص:  >  >>