ولأجل ما وقع للنابغة الذبياني في بني سيار، وكان النابغة قد نهى قومه إنَّ يرتعبوا حمى نعمان بن الحارث الغساني، فعصوه، وترعبوه، فأغار عليهم. وقال النابغة في ذلك:
لقد نهيت بني ذبيان عن أقر ... وعن تربعهم في كل أصفار
وقلت: يا قوم إنَّ الليث منقبض ... على براثنه لوثبة الضاري
وهي قطعة مشهورة، منها:
أما عصيت فأني غير منفلتٍ ... مني اللصاب فجنبا حرة النار
أو أضع البيت في سوداء مظلمةٍ ... تقيد العير لا يسري بها الساري
يريد إنّه يلج الشعاب الضيفة أو المهامه الفيح حتى لا يصل إليه الجيش، ثم إنّه لم يفعل ذلك حتى أصابه الغارة مع قومه وأسر بعض أهله فيمن أسر. فقال في ذلك بدر بن حزاز الفزاري يعير النابغة:
أبلغ زياداً وحين المرء مردكه ... وإنَّ تكيس أو كان أبن احذار
اضطرك الحرز من ليلى إلى بردس ... تختاره معقلا عن شج أعيار
حتى لقيت أبن كهف اللؤم في لجيبٍ ... ينفي العصافير والغربان جرار
فالآن فاسع بأقوام غررتهم ... بني ضباب ودع عنك أبن سيار
قد كان وافد أقوام فجاء بهم ... وانتاش عانيه من أهل ذي قار!
ثم إنَّ النابغة بلغه إنَّ زبان وخزيمة أبني سيار أعانا بدرا ورويا شعره، فقال في ذلك:
إلاّ من مبلغ عني خزيما ... وزبان الذي لم يرع صهري؟
فأياكم وعورا داميات ... كأنَّ صلاءهن صلاء جمر!
فإني قد أتاني ما صنعتم ... وما رشحتم من شعر بدر
فلم يك نولكم إنَّ تشقذوني ... ودوني عازب بلاد حجر