ليست بسنهاء ولا رجبية ... ولكن عرايا في سنة الجوائح
ولا يرجب من النخل إلاّ الكريمة. واعلم أن التصغير في كل من الجذيل والعذيق للتعظيم على ما اثبت الكوفيون من ورود التصغير للتعظيم كقول لبيد:
فويق جبيل شامخ لن تناله ... بهمته حتى تكل وتعملا
وقيل للتقريب كما في بني أخي. وقد تحصل في معنى الكلام بجملته إنه يقول: أنا الذي يرجع إليه في النائبات، ويستشفى بفضل رأيه في المعضلات المعوصات، كالجذيل الذي تستشفي بالاحتكاك به الإبل؛ وأنا لي أيضاً عشيرة يحفظوني ويؤووني، وعصبة ينصروني ويمنعوني، كالنخلة الممتنعة برجبتها، الكريمة على أهلها إذ لا يرجب من النخل إلاّ الكرام كما مر. وقد علم اشتمال الكلام على مثلين وليس مثلاً واحداً؛ إلاّ إنّهما يقرن بينهما كثير. وفي مقامات البديع قوله: حتى إذا مال الكلام بنا ميله، وجر الجداك بينا ذيلة، قال أصبتم عذيقة، ووافيتم جذيلة الخ. وقيل معنى أنا جذيلها المحككك أنا صاحب رهان. والمحكك المعاود لها، كما قال الراجز: جذل رهان في ذراعيه حدب أي السير ويقال أيضاً. رجل محكك: أي مجرب للأمور بصير بخيرها وشرّها. وهو مدح في الرجال، ذم في النساء قال الحماسي:
لا تنكحن الدهر ما عشت أيما ... مجربة قد مل منها وملت
ويقال أيضاً: أنا جحيرها المأرب، وعذيقها المجرب. والجحير تصغير جحر وهو الغار؛ والمأرب المقور الململم، ومعناه واضح من الذي قبله.