ومعنى المثل أنَّ التزوج ولو بأدنى زوج خير من البقاء بلا زوج. قالته بنت همام بن مرة الوائلي البكري. وكان له فيما زعموا أربع بنات. فكان يخطبن إليه فيستأمرهن فيمنعهن الحياء أن يأذن فلا يزوجن. وكانت أمهن تأمره بتزويجهن فلا يفعل. فخرج ذات ليلة إلى متحدث لهن فجعل يستمع حديثهن وهن لا يعلمن. فقلن: تعالين نتمن ولنصدق! فقالت الكبرى:
إلاّ ليت زوجي من أناس ذوي غنى ... حديث الشباب طيب النشر والعطرِ
طبيبٌ بأدواء النساء كأنه ... خليفة جانٍ لا يبيت على وترِ!
فقلن لها: انك تحبين رجلا ليس في قومك. وقالت الثانية:
ألا هل أرها مرة وضجيعها ... أشم كماضي الشفرتين مهندِ
لصوقٌ بأكباد النساء واصله ... إذا ما انتهى من أهل سري ومحتدي؟
وقالت الثالثة:
ألا ليته على الجفان مدلب ... له جفنةٌ تشفى بها النيب والجزرُ
به محكمات الشيب من غير كبرةٍ ... تشين فلا العاني ولا الضرع الغمرُ!
فقلن لها: تحبين رجلا شريفا. فقلن للصغرى: تمني أنت! فقالت: ما أريد شيئا. فقلن: والله لا تبرحين حتى نعلم ما في نفسك! فقالت: زوجٌ من عودٍ خيرٌ من قعودٍ. فلما سمع أبوهن ذلك زوجهن.
وهكذا حكي عن بعضهم هذه القصة. والذي ذكر صاحب القاموس في اللغة أنَّ همام بن مرة له ثلاث بنات وآلا على نفسه ألا يزوجهن. فلما عنسن قالت إحداهن بيتا وأسمعته إياه متجاهلة. فقالت:
أهمام بن مرة إنَّ همي ... لفي الآئي يكون مع الرجالِ
فأعطاها سيفا وقال: هذا يكون مع الرجال! فقالت أخرى: ما صنعت شيئا ولكني أقول:
أهمام بن مرة إنَّ همي ... لفي قنفاء مشرفة القذال
والقنفاء تطلق عند العرب على الغليظة من آذان المعزى كأنها نعل مخصوف. وتطلق