الغيظ، فهو نغر وهي نغرة. فيقال هذا عند اشتداد الغيرة. ويحكى أن امرأة جاءت علياً كرم الله وجهه فذكرت أن زوجها يطأ جاريتها، فقال: إنّ كنت صادقة رجمناه، وإنّ كنت كاذبة جلدناك، فقالت: ردوني إلى أهلي غيري نغرة!
قيل: وأوّل من نطق بهذا المثل عمرو بن المنذر الذي يقال له عمرو بن امامة، وهو الذي قتله مراد في قضيب، وذلك إنّ أباه المنذر بن امرئ القيس كان تزوج هند بنت الحارث أبن آكل المرار الكندي، فولدت له عمراً، وهو الذي يقال له عمرو بن هند، والمنذر بن المنذر، وملك بن المنذر، وقابوس بن المنذر، وكان ملك أصغرهم. فلما كبرت هند عند أبيهم المنذر أعجبته بنت أخيها امامة بنت سلمة بن الحارث، فطلق هنداً وتزوج امامة فولدت له امامة عمرو بن المنذر الذي يقال له عمرو بن امامة. ثم إنّ المنذر جعل الأمر من بعده لابنه عمرو بن هند، ثم لقابوس، ثم للمنذر، ولم يجعل لعمرو بن امامة شيئاً. فكان ذلك سبب وقوع الشر بينه وبين اخوته لأبيه. فتملك عمرو بن هند الخورنق والسدير، وجعل لأخيه قابوس البدو، فغضب عمرو بن امامة وذهب نحو اليمن يطلب النصرة على اخوته، وقال في ذلك يخاطب عمرو بن هند:
إلاّ بن أمك ما بدا ... ولك الخورنق والسدير
فلامنعن منابت الضمر ... إنّ إذ منع القصور
بكتائب تردي كما تر ... دي إلى الجيف النسور
أنا بني العلات تقضي ... دون شاهدنا الأمور
والضمران بفتح الضاد: نبت من نبات البادية؛ والرديان: الجري يقال: ردت الخيل تردي إذا جرت؛ وأبناء العلات: أبناء أمهات شتى؛ وأبناء الأعيان: أبناء أمثال واحدة. ثم ن عمرو بن امامة لحق باليمن وتبعه ناس من قيس عيلان وغيرهم، فأتى ملكها يطلب منه جنداً ليقاتل أخاه على نصيبه من الملك. فقال له الملك: من أحببت، فأختار مراداً، فسيرهم الملك معه، فلما انتهوا معه إلى وادٍ يقال له قضيب تلاومت مرادٌ فيا بينها وقالوا: كيف تتركون أموالكم وعشائركم وبلادكم وتتبعون هذا الأنكر؟ فقام