فقال عقيل: شربتها، وربَّ الكعبة! ثم شد عليها بالسيف، فقال أخوها: ما ذنبنا؟ إنّما اجازت شعرا! فشد عليه أحدهم فخدشه بسهم يتمعك في دمه ويقول:
إنَّ بني ضرجوني بالدم ... من يلق أبطال الرجال يكلم
شنشنة أعرفها من أخزم
ثم توجه ولده للطريق. فلما مروا ببني القين قالوا لهم: هل لكم في الجزور انكسرت! قالوا: نعم! قالوا: الزموا هذه ارواحل! فذهب القوم حتى انتهوا إلى عقيل، فحملوه وعالجوه حتى برئ ولحق بهم. فقال أبو عبيد القاسم بن سلام: من أمثالهم في التشبيه الرجل بأبيه: شنشنة اعرفها من أخزم. قال: وهذا المثل يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قاله في أبن عباس، رضي الله عنهما، شبهه في رأيه بابيه. قال البكري: أخزم هذا هو جد حاتم بن عبد الله الطائي، وهو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن أبي أخزم بن أبي أخزم. وقيل هو جد عقيل بن علفة. الشنشنة: النطفة، من شنشنت إذا أرقت. ويراد ما أراق من النطفة في الرحم.
قال أبو بكر: وقال قوم: شنشنة: الغريزة والطبيعة. فمن جعل أصل المثل لأخزم الطائي قال: كان أخزم جوادا. فلما نشأ حاتم وعرف جوده قال: الناس: شنشنة من أخزم، أي قطرة من نطفة أخزم. قال: وذكر علي بن الحسن إنَّ عقيل بن علفة أبن الحارث المري أتى منزله فإذا بنوه مع بناته وأزواجه مجتمعون. فشد على عملس منهم، فحاد عنه وتغنى ابنه علفة:
قفي يا ابنه المري أسألك ما الذي ... تريدين فيما كنت منيتا قبل
فإنَّ شئت كان الصرم ما هبت الصبا ... وإنَّ شئت لا يفنى التكارم والبذل!
فقال عقيل: يا أبن اللخناء متى منتك نفسك هذا؟ وشد عليه بالسيف. فحال