للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليستْ كنارِ عديٍّ، نارُ عاديةٍ ... باتتْ تشبُّ على أيدي مصاليتا

وما لبينى وإنْ عزَّتْ بربَّتها ... لكنْ غذتها رجالُ الهندِ تربيتا

ومما تأتي فيه "رب" للتقليل والتخصيص إتيانا مطردا، ويرى ذلك من تأمله، التي تأتي في اللغز، والأشياء التي يصف فيها الشعراء أشياء مخصوصة بأعيانها، فإنهم كثيراً ما يستعملون في أوائلها، "رب" مصرحا بها، أو الواو التي تنوب مناب "رب" كقول ذي الرمة:

وجاريةٍ ليستْ من الأنسِ تشتهى ... ولا الجنِّ قدْ لاعبتها ومعي ذهني

فأدخلتُ فيها قيدَ شبرٍ موفَّرٍ ... فصاحتْ ولا واللهِ ما وجدتْ تزني

فلمَّا دنتْ إهراقةُ الماءِ أنصتتْ ... لأعزلهُ عنها وفي النَّفسِ أنْ أثني

وكقول الآخر:

ربَّ نهرٍ رأيتُ في جوفِ خرجٍ ... يترامى بموجهِ الزَّخَّارِ

ونهارٍ رأيتُ منتصفَ اللَّي_لِ وليلٍ رأيتُ وسطَ النَّهارِ

وثلاثينَ ألفَ شيخٍ قعوداً ... فوقَ غصنٍ ما ينثني لانكسارِ

يعني بالخرج: الوادي الذي لا منفذ له، وبالنهار: فرخ الحبارى. وبالليل: فرخ الكروان. وبالشيخ: الرذاذ الصغير من المطر.

فهذه المواضع، "رب" فيها للتقليل، وهي كثيرة جدا، وإنما تخيرت منها أوضحها، وهذه حقيقة "رب"، وموضوعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>