للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك قول العجاج:

ومهمهٍ هالكِ منْ تعرَّجا

هائلةٍ أهوالهُ منْ أدلجا

ونظير هذا أن له نسبتين مختلفتين، نسبة كثرة إلى المفتخر، ونسبة قلة إلى من يعجز عنه، فيأتي تارة على نسبة الكثرة، بلفظ "كم"، وعلى نسبة القلة بلفظ "رب": أنهم إذا سموا رجلا بالعباس، والحارث، والحسن، ونحو ذلك من الصفات، فربما أقروا فيها "الألف واللام"، مراعاة للفظ الصفة التي انتقلت عنها، وربما حذفوا، "الألف واللام"، مراعاة للفظ العلم الذي صارت إليه.

فتكون لها نسبتان مختلفان، تأتي بإحداهما تارة، وبالأخرى تارة.

ونظير اجتماع الكثرة والقلة في هذا الباب، لغرض من الأغراض، اجتماع اليقين والشك نحو: قد علمت أزيد في الدار أم عمرو.

وهذا كلاف ظريف على ظاهره، لأن الذي يدعي العلم، لا يستفهم، والذي يستفهم لا يدعي العلم؛ وإنما تأويله، أني قد علمت حقيقة ما تستفهم عنه غيري.

فهذا وجه من وجوه التقليل في هذه الأشياء. وقد يدخلها معنى التقليل على وجه آخر، وهو أن القائل قد يقول: رب عالم قد لقيت، وهو قد لقي كثيراً من العلماء، ولكن يقلل من لقيه تواضعاً، ويكون أبلغ من التكثير، لأن الإنسان إذا حقر نفسه تواضعاً، ثم امتحن، فوجد أعظم مما يقول، جل قدره، وإذا عظم نفسه،

<<  <  ج: ص:  >  >>