للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أن حرف التعريف غير فاصل عندهم بين الجار والمجرور، وإنما كان كذلك، لنه في نهاية اللطافة والاتصال بما عرفه، وإنما كان ذلك كذلك، لأنه على حرف واحد، ولاسيما ساكن.

ولو كان حرف التعريف عندهم حرفين "كقد" و "هل"، لما جاز الفصل به بين الجار والمجرور، لأن "قد" و "هل" كلمتان ثابتتان قائمتان بأنفسهما.

ألا ترى أنهم أنكروا على الكسائي وغيره، قراءته: (ثم ليقطع) بسكون اللام، و (ثم ليقضوا) ، لأن "ثم" قائمة بنفسها، وليست كواو العطف وفائه، لأن تينك ضعيفتان، متصلتان بما بعدهما، فلطفتا عن نية فصلهما وقيامهما بأنفسهما، وكذلك لو كان حرف التعريف، في نية الانفصال لما كان يجوز نفوذ الجر إلى ما بعد حرف التعريف. وهذا يدل على شدة امتزاج حرف التعريف بما عرّفه. وإنما كان ذلك كذلك لقلته وضعفه عن قيامه بنفسه، لو كان حرفين، لما لحقته هذه العلة، ولا جاز تجاوز حرف الجر له إلى ما بعده.

ودليل آخر يدل على شدة اتصال حرف التعريف بما دخل عليه، وهو أنه قد حدث بدخوله معنى لم يكن قبل دخوله وهو معنى التعريف فصار المعرّف كأنه غير ذلك المنكور. ألا ترى إلى إجازتهم الجمع بين رجل والرجل، وغلام والغلام، قافيتين في شعر واحد من غير استكراه، ولا اعتقاد إيطاء، فهذا يدلك على أن حرف التعريف، كأنه مبني مع ما عرفه، كما أن "ياء" التحقير مبنية مع ما حقرته، وكما

<<  <  ج: ص:  >  >>