حتى نادى منادي الفجر، رحلت ناقتي، وأخذت بزمامها حتى أتيت ذبابا جبلاً بالمدينة ثم ناديت بأعلى صوتي. أخاكم أخاكم، يعني شيطانه.
فجاش صدري كما يجيش المرجل. فعقلت ناقعي وتوسدت ذراعها، فما قمت حتى قلت مئة بيت، وثلاثة عشر بيتاً.
فبينما هو ينشد، إذ طلع عليه الأنصاري، حتى انتهى إلينا، فسلم علينا ثم قال: إني لم آتك لأعجلك عن الأجل الذي وقته لك، ولكني أحببت أن أسالك، أي شيءٍ صنعت؟.
فقال له: اجلس، وأنشده:
عزفتَ بأعشاشٍ وما كِدتَ تَعزفُ ... وأَنكرْتَ من حَدْرَاءَ ما كُنْتَ تَعْرِفُ
وَلَجَّ بك الهُجْرانُ حتَّى كأَنمَّا ... ترى الموتَ في البيتِ الذي كُنْتَ تأْلَفُ
ومنها:
ترى الناسَ ما سِرنا يسيرونَ خَلْفَنا ... وإنْ نحنُ أومانَا إلى الناسِ وقَّفُوا
فقام الأنصاريُ كئيباً، فلما توارى، طلع أبوه أبو بكر بن حزم، في مشيخةٍ من الأنصار، فسَّلموا علينا، وقالوا: يا أبو فراس، قد عرفت حالنا ومكاننا من