للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعائشة - رضي الله عنهم - في قضايا متعددة ولم يعرف لهم مخالف، فيكون إجماعًا (١).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - ينجس الآدمي بالموت مسلمًا كان أو كافرًا - بما يلي:

الدليل الأوّل: روي أَنَّ زِنْجِيًّا وَقَعَ فِي زَمْزَمَ يَعْنِي فَمَاتَ، فَأَمَرَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَأُخْرِجَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُنْزَحَ (٢).

وجه الدلالة:

لو لم تتنجس البئر بوقوع الآدمي فيها، لما أمر بنزحها (٣).

يمكن أن يناقش الاستدلال من وجهين:

أ. أن هذا الأثر ضعيف، وقد بُين ذلك في التخريج.

ب. يحتمل أن يكون الأمر بالنزح لتغير الماء، وليس لمجرد وقوع الآدمي.

الدليل الثاني: الأدمي حيوان دموي، كغيره من الحيوانات الدموية التي تنجس بالموت (٤).

يمكن أن يناقش:

هذا قياس فاسد الاعتبار، لأنه معارض بالنصوص والآثار التي سبق ذكرها في أدلة القول الأوّل.

الدليل الثالث: الآدمي إذا مات لم يحل أكله، فحكمنا بنجاسته كسائر الميتات (٥).


(١) شرح العمدة، لابن تيمية (١/ ١٣٢).
(٢) رواه الدارقطني في كتاب الطهارة، باب البئر إذا وقع فيها حيوان (١/ ٤٠) (٦٥). قال الزيلعي في نصب الراية (١/ ١٢٩): "قال البيهقي في المعرفة: وابن سيرين عن ابن عباس: مرسل لم يلقه ولا سمع منه، وإنما هو بلاغ بلغه"، قال ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية (١/ ٦٠): "وهذا منقطع".
(٣) انظر: المحيط البرهاني (٢/ ١٥٣).
(٤) انظر: حاشية ابن عابدين (١/ ٢١١)، مغني المحتاج (١/ ٢٣٢)، المبدع (١/ ٢١٨).
(٥) انظر: فتح العزيز (١/ ١٦٢)، المجموع (٢/ ٥٦٠)، شرح العمدة، لابن تيمية (١/ ١٣٢).

<<  <   >  >>