للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - يحرم الاستمتاع بالحائض فيما دون الإزار - بما يلي:

الدليل الأوّل: قول الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)} (١).

وجه الدلالة من الآية:

دل عموم الآية على المنع من قرب الحائض من كل جهة، ومن ذلك الاستمتاع بها فيما دون الفرج، وإنما جاز فيما فوق الإزار فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله، واتفقت الأمة عليه، وبقي ما عداه داخلًا في العموم (٢).

نوقش الاستدلال بالآية من وجهين (٣):

أ. لو كان المراد اعتزال النساء في مدة الحيض بالكلية، فالإجماع بخلافه.

ب. بالرجوع لسبب نزول الآية، يتبين أن مراد الله تعالى ليس اعتزالها بالكلية؛ لأن هذا هو فعل اليهود الذين نزلت الآية بمقتضى مخالفتهم في ذلك، ولو اعتبرنا أن مراد الله - عز وجل - هو اعتزال قرب النساء مدة الحيض لم تتحقق المخالفة.

الدليل الثاني: عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ: (كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كِلَانَا جُنُبٌ، وَكَانَ يَأْمُرُنِي، فَأَتَّزِرُ، فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ) (٤).

وقوله عليه الصلاة والسلام لها: (شُدِّي عَلَيْكِ إِزَارَكِ، ثُمَّ ادْخُلِي) (٥).

وجه الدلالة من الحديثين:


(١) سورة البقرة، آية (٢٢٢).
(٢) انظر: شرح مختصر الطحاوي (١/ ٤٦٠)، المبسوط، للسرخسي (١٠/ ١٥٩)، عيون الأدلة (٣/ ١٣٧٩).
(٣) انظر: المغني (١/ ٢٤٣).
(٤) رواه البخاري في كتاب الحيض، باب مباشرة الحائض (١/ ٦٧) (٢٩٩).
(٥) رواه البيهقي في كتاب النكاح، باب إتيان الحائض (٧/ ٣٠٩) (١٤٠٨٣). قال الذهبي في المهذب (١/ ٣٠٩): "رواه مالك عن ربيعة عن عائشة مرسلًا"، وقال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ١٠٦): "قال البيهقي: كذا رواه مالك مرسلا".

<<  <   >  >>