للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة من الحديث:

لم يأمر عمر - رضي الله عنه - المصلي بإعادة الصلاة بعد ما بين له وجود القبر، مما يدل على جوازها، وفي الإرشاد دليل على الكراهة (١).

يمكن أن يناقش: ليس في الحديث ما يدل على الكراهة، فلعل بيان عمر بوجود القبر كان لأجل ألا يجعله المصلي بين يديه، وليس لأجل الصلاة في المقبرة، بدليل قول المصلي فتنحيت.

الدليل الثالث: المقابر مظنة لوجود النجاسة، والنهي عن الصلاة فيها إنما كان تجنبًا للنجاسات وفي هذا دليل على جواز الصلاة في المقابر عند تحقق الطهارة، وكراهتها مع مظنة وجود النجاسة (٢).

نوقش: احتمال وجود النجاسة لا يوجب كراهة الصلاة في المقبرة، لأن الأرض تطهر بما يصيبها من الريح والشمس والاستحالة (٣).

واستدلَّ أصحاب القول الثالث القائل-تصح الصلاة في المقبرة - مطلقًا -، قديمة كانت أو حديثة-بما يلي:

الدليل الأوّل: عن جَابِرُ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً) (٤).

وجه الدلالة من الحديث:

دل الحديث على أن كل موضع متى ما كان طاهرًا. صحت فيه الصلاة، ولفظ الأرض يفيد


(١) انظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٢٠٦)، بدائع الصنائع (١/ ١١٥)، صحيح البخاري (١/ ٩٣).
(٢) المبسوط، للسرخسي (١/ ٢٠٦)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦٥٤).
(٣) انظر مجموع الفتاوى (٢١/ ٣٢٢).
(٤) رواه البخاري في كتاب التيمم (١/ ٧٤) (٣٣٥)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (١/ ٣٧٠) (٥٢١).

<<  <   >  >>