للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحاضرة، -سواء سبق أن ذكر الفائتة أم لم يذكر- فتصح منه ولا يؤاخذ بترك الترتيب (١).

الدليل الثاني: عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من ذكر صلاة وهو في أخرى أتمها ثم قضى الفائتة) (٢).

وجه الدلالة من الحديث:

الحديث نص صريح في المسألة، والقول بوجوب الترتيب مع النسيان مخالفة للنص (٣).

الدليل الثالث: الصلاة المنسية لا أمارة عليها تعلم بها؛ لذا جاز تأثير النسيان في حكمها (٤).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- لا تصح صلاة من صلى الحاضرة ناسيًا للفائتة حتى أتم الحاضرة-مع سبق الذكر-، وتجب الإعادة - بما يلي:

الدليل الأوّل: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْأَحْزَابِ صَلَّى الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: (هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ؟). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتَهَا، فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ (٥).

وجه الدلالة من الحديث:

قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - الفوائت مرتبة، وأعاد الصلاة التي صلاها، وتذكر في وقتها صلاة أخرى؛ وفعله وارد مورد البيان لما أجمل في كتاب الله عند قوله: [وأقيموا الصلاة]، وإذا ورد فعله للبيان فهو على الوجوب، وذلك يقتضي وجوب الترتيب بين الصلوات الفائتة


(١) انظر: المغني (١/ ٤٣٦)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٣/ ١٩٥).
(٢) لم أجد له تخريجًا-فيما اطلعت عليه- وذكره الماوردي في الحاوي الكبير (٢/ ١٥٩)، والعمراني في البيان (٢/ ٥٢).
(٣) انظر: الحاوي (٢/ ١٦٠).
(٤) انظر: المغني (١/ ٤٣٦).
(٥) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصلاة، باب من قال بترك الترتيب في قضائهن (٢/ ٣١٢) (٣١٩١)، وأحمد في المسند (٢٨/ ١٨٠) (١٦٩٧٥)، والطبراني في المعجم الكبير (٤/ ٢٣) (٣٥٤٢)، قال ابن عبد البر في التمهيد: منكر، (٦/ ٤٠٨)، وقال الزيلعي في نصب الراية (١/ ٢٣٢): "فيه ضعف".

<<  <   >  >>