للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البلدان (١).

الدليل الثالث: المنع من التطوع في أوقات النهي إنما كان لمعنى مقارنة الشمس قرن الشيطان، وهو يعم سائر الأمكنة، ولذلك نظائر في الشرع: كالمنع من صوم يوم العيد؛ فهو يعم الأمكنة كلها (٢).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني: القائل- يجوز التطوع في أوقات النهي بمكة المكرمة-بما يلي:

الدليل الأوّل: عَنْ أَبِي ذَرٍّ-رضي الله عنه-أَنَّهُ أَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، إِلَّا بِمَكَّةَ، إِلَّا بِمَكَّةَ) (٣).

وجه الدلالة من الحديث:

نص الحديث على استثناء مكة من عموم النهي، وذلك يقتضي إباحة الصلاة فيها في جميع الأوقات؛ لتفضيل الله لها وتخصيصها بالحراسة من أن يتخطفها شيطان (٤).

نوقش من أوجه:

أ. الحديث ضعيف، فلا يصح الاحتجاج به (٥).

ب. لا يستقيم تعليق الحكم في مكة بالشرف والفضيلة، فهذا المعنى لا ينتهض لتخصيص عموم النصوص؛ لأن المنع من الصلاة في أوقات النهي يقتضي تعلق مفسدة بالفعل،


(١) انظر: التجريد، للقدوري (٢/ ٧٨٩)، شرح التلقين (١/ ٨١٢)، المغني (٢/ ٩٠)، شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (٤/ ٤٨٩).
(٢) انظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ١٥١)، شرح التلقين (١/ ٨١٢)، المغني (٢/ ٩٠).
(٣) رواه أحمد في المسند (٣٥/ ٣٦٥) (٢١٤٦٢)، والطبراني في المعجم الأوسط (١/ ٢٥٨) (٨٤٧)، والدارقطني في السنن، كتاب الصلاة، باب جواز النافلة عند البيت في جميع الأزمان (٢/ ٣٠١) (١٥٧١)، قال شعيب الأرنؤوط: "صحيح لغيره"، وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٣/ ٤٥): "هذا حديث وإن لم يكن بالقوي … ففي حديث جبير بن مطعم ما يقويه"، وقال النووي في المجموع (٤/ ١٧٩): "ضعيف".
(٤) انظر: بحر المذهب (٢/ ٢١٣).
(٥) انظر: فتح القدير (١/ ٢٣٣)، المغني (٢/ ٩٠).

<<  <   >  >>