للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَامَ عَلَى دُكَّانٍ (١) يُصَلِّي وَالنَّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ، فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ-رضي الله عنه-فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ فَاتَّبَعَهُ عَمَّارٌ، حَتَّى أَنْزَلَهُ حُذَيْفَةُ فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ؟، قَالَ عَمَّارٌ: «لِذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ حِينَ أَخَذْتَ عَلَى يَدَيَّ (٢).

الدليل الثاني: عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ (٣) – رضي الله عنه -، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ فَوْقَ شَيْءٍ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ) يَعْنِي أَسْفَلَ مِنْهُ (٤).

وجه الدلالة من الحديثين:

دل الحديثان على أن وقوف الإمام على موضع أرفع عن المأمومين منهي عنه مطلقًا، وأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يكرهون ذلك (٥).

نوقش: يحمل النهي على كون الارتفاع لغير قصد التعليم (٦).

أجيب: ظاهر النهي التحريم؛ وبصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وارتفاعه على المنبر


(١) الدكن: لون يضرب للغبرة والسواد، والدكان جمعه دكاكين وهي الحوانيت، والدكة المبنية، وهي المكان المرتفع الذي يجلس عليه، انظر: لسان العرب (١/ ١٥٧)، النهاية (٢/ ١٨٢)، شرح أبي داود، العيني (٣/ ١٠٣).
(٢) رواه أبو داود في السنن، كتاب الصلاة، باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان القوم (١/ ١٦٣) (٥٩٨)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصلاة، باب ما جاء في مقام الإمام (٣/ ١٥٥) (٥٢٣٥)، قال الذهبي في تنقيح التحقيق (١/ ٢٦٢): "وفيه مجهولان".
(٣) هو عقبة بن عمرو الأنصاري البدري صحابي جليل، روى أحاديث، شهد العقبة ولم يشهد بدرًا، نزل ماء ببدر فاشتهر بذلك، شهد أحدًا وما بعدها، نزل الكوفة، مات سنة (٤٠) هـ وقيل بعدها، انظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ١٠٥)، الإصابة (٤/ ٤٣٢)، تقريب التهذيب (١/ ٣٩٥).
(٤) رواه الدارقطني في السنن، كتاب الجنائز، باب نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه، (٢/ ٤٦٣) (١٨٨٢)، قال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (٢/ ٤٩٤): "وقد ضعف ابن المديني ويحيى زيادا"، وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (١/ ٢٦٢): "تفرد به زياد، وهو مختلف في توثيقه".
(٥) انظر: المفاتيح شرح المصابيح (٢/ ٢٣١)، المنهل العذب (٤/ ٣٢٢).
(٦) انظر: الحاوي (٢/ ٣٤٤)، بحر المذهب (٢/ ٢٨٥).

<<  <   >  >>