للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يُسلم بستوائه فيهما، والقول بالعفو عما لا يدركه الطرف، إنما كان لرفع الحرج، كما في الغبار الذي يصيب بدن الإنسان وهو ثائر من المزابل والنجاسات، بجامع مشقة الاحتراز منه (١).

ب. إن المشقة حكمة لا يجوز تعليق الحكم بها لمجردها.

يمكن أن يجاب:

يجوز التعليل بالحكمة المجردة، إذا كانت وصفًا ظاهرًا مشتملًا على الحكمة المقصودة للشارع من شرع الحكم (٢).

الدليل الثاني: يمكن أن يستدل لهم بـ:

١ - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مه مه (٣)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزرموه (٤) دعوه» فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه فقال له: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن» أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه (٥) عليه" (٦).


(١) انظر: نهاية المطلب (٢/ ٢٩٥).
(٢) انظر: الإحكام، للآمدي (٣/ ٢٠٢).
(٣) كلمة زجر ونهي، وهي اسم لفعل أمر معناه اكفف، انظر: العين، الفراهيدي (٣/ ٣٥٨)، مختار الصحاح، الرازي (١/ ٣٠٠).
(٤) أي لا تقطعوا عليه بوله، انظر: النهاية، ابن الأثير (٢/ ٣٠١).
(٥) أي صبه، انظر: لسان العرب، لابن منظور (١/ ٢٤٢)، شرح النووي على مسلم (٣/ ١٩٣).
(٦) رواه البخاري في كتاب الأدب، باب الرفق في الأمر كله (٨/ ١٢/ ٦٠٢٥)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، وأن الأرض تطهر بالماء، من غير حاجة إلى حفرها (١/ ٢٣٦/ ٢٨٥)، واللفظ له.

<<  <   >  >>