للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله - عز وجل - قد سمى الماء طهورًا، وأجمعت الأمة على أن الماء طاهر مطهر، وما كان طاهرًا مطهرًا يستحيل لحوق النجاسة به؛ لأنه إن لحقته لم يكن مطهرًا، فلو فسد بمجرد مماسة النجاسة لكان كبقية المائعات، ولم تحصل لأحد طهارة (١).

الدليل الثاني: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ- رضي الله عنه -، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُقَالُ لَهُ: إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الْكِلَابِ، وَالْمَحَايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ) (٢).

وجه الدلالة من الحديث:

قوله: (الماء طهور لا ينجسه شيء). اللفظ فيه عام لم يخص القليل من الكثير، فيبقى على عمومه إلا ما خصه الدليل (٣)، كما في إحدى الروايات: (إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه) (٤).

نوقش:


(١) انظر: التمهيد (١/ ٣٠٣).
(٢) تقدم تخريجه ص ٣٣.
(٣) انظر: عيون الأدلة (٢/ ٨٥٢ - ٨٥٤)، شرح التلقين (١/ ٢١٩).
(٤) رواه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الحياض (١/ ١٧٤) (٥٢١). قال النووي في المجموع شرح المهذب (١/ ١١٠): "اتفقوا على ضعفه ونقل الإمام الشافعي رحمه الله تضعيفه عن أهل العلم بالحديث وبين البيهقي ضعفه وهذا الضعف في آخره وهو الاستثناء: وأما قوله الماء طهور لا ينجسه شئ فصحيح من رواية أبي سعيد الخدري"، وقال ابن الملقن في البدر المنير (١/ ٤٠١، ٤٠٢): "فتلخص أن الاستثناء المذكور ضعيف، لا يحل الاحتجاج به، لأنه ما بين مرسل وضعيف … وابن الجوزي، قال في تحقيقه: هذا حديث لا يصح. فإذا علم ضعف الحديث، تعين الاحتجاج بالإجماع، كما قاله الشافعي والبيهقي، وغيرهما من الأئمة"، وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (ص ١٥٣): "أخرجه ابن ماجه من حديث أبي أمامة بإسناد ضعيف، وقد رواه بدون الاستثناء أبو داود والنسائي والترمذي من حديث أبي سعيد وصححه أبو داود وغيره"، وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق ابن ماجه (١/ ٣٢٧): "وهذه الزيادة لم تصح سندًا، وقد أجمع العلماء على العمل بها".

<<  <   >  >>