كتاب المسائل التي قيل فيها لا فرق عند الحنابلة في العبادات

المطلب الثاني: لا فرق في تطيب من أراد الإحرام، بين ما يبقى عينه من الطيب، أو أثره. - حكم المسألة - ص: 400

الطيب في مفارق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثرُه (١).

نوقِشَ: عن عائشة - رضي الله عنها - (أنها طيَّبَتْ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ إِحْرَامِهِ، ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا) (٢). وفي طوافه على نسائه بعد تطيبه دليل على اغتساله قبل الإحرام، وبذلك يكون قد أحرم غير متطيب؛ فدلَّ تجنُّبُه له على كراهته للمُحرِم (٣).

أُجيبَ: ليس في الحديث حُجّة، لأن طواف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على نسائه يحتمل أنه كان لغير جماع؛ كأن يكون ليعلمهن كيف يحرمن أو غير ذلك (٤).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - يُكرَه للمِحرِم أن يتطيب قبل إحرامه في بدنه بما يبقى أثره - بما يلي:

الدليل الأوّل: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ خَلُوقٍ - أَوْ قَالَ: صُفْرَةٍ - وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ … قَالَ: (أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ؟)، قَالَ: (اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ - أَوْ قَالَ: أَثَرَ الصُّفْرَةِ -، وَاخْلَعِ الْجُبَّةَ عَنْكَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا صَنَعْتَ فِي حَجَّتِكَ) (٥).

وجهُ الدَّلالة من الحديث:

دلَّ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بغسل أثر الطيب، على كراهة تطيب المحرم بما يبقى أثره بعد الإحرام (٦).

نوقِشَ من أوجُهٍ:

---

(١) انظر: بدائع الصنائع (٢/ ١٤٤)، أعلام الحديث (١/ ٣٠٥)، شرح النووي على مسلم (٨/ ٩٨).
(٢) رواه مسلم، كتاب الحج، باب الطيب للمحرم عند الإحرام (٢/ ٨٤٩) (١١٩٢).
(٣) انظر: التمهيد، لابن عبد البر (٢/ ٢٥٦)، القبس في شرح الموطأ (١/ ٥٥٣).
(٤) انظر: طرح التثريب (٥/ ٧٦).
(٥) رواه البخاري في كتاب الحج، باب: يفعل في العمرة ما يفعل في الحج، (٣/ ٥) (١٧٨٩)، ومسلم، كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة، وما لا يباح وبيان تحريم الطيب عليه، (٢/ ٨٣٦) (١١٨٠).
(٦) انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٤/ ٢٠٥)، إكمال المعلم (٤/ ١٦٥).