للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة من الحديث:

في الأمر بصب الماء على موضع البول دليل على أن الماء إذا خالط البول ومازجه لم ينجس، بل إنه إذا غلب عليه طهره ولا تضره الممازجة (١).

الدليل الرابع: أن هذا ماء خالطه ما ينفك عنه غالبًا، فوجب أن يكون طاهرًا مطهرًا كما لو زاد عن القلتين، بجامع أن الكل لم يتغير بتلك المخالطة (٢).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - يتنجس ماء البئر بالبول القليل والكثير عند ملاقته الماء - بما يلي:

الدليل الأوّل: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ) (٣).

وجه الدلالة من الحديث:

معلوم أن البول القليل في الماء الكثير لا يغير له لونًا ولا طعمًا أو ريحًا، ومع هذا منع منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونهى عنه (٤).

نوقش:

الحديث نص في النهي عن البول في الماء الدائم، وليس فيه دليل على تنجسه به (٥)، والنهي فيه إنما كان على سبيل الإرشاد والتنزيه والاحتياط، بدليل ما ذُكر من أدلة، ويكون في الماء القليل آكد منه في الكثير لإفساده له، لأن البول اليسير في الماء الكثير، لا يغير فيه شيئًا من أوصافه


(١) انظر: التمهيد (١/ ٣٣٠).
(٢) المنتقى للباجي (١/ ٥٦).
(٣) رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب البول في الماء الدائم (١/ ٥٧) (٢٣٩)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد (١/ ٢٣٥) (٢٨٢).
(٤) أحكام القرآن، للجصاص (٣/ ٤٤٢).
(٥) الحاوي (١/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>