للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ)، فَقَامَ خَالِي … فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، قَالَ: (اجْعَلْهَا مَكَانَهَا - أَوْ قَالَ: اذْبَحْهَا - وَلَنْ تَجْزِيَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ) (١).

الدليل الثاني: عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ البَجَلِيِّ (٢) - رضي الله عنه - قَالَ: ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُضْحِيَةً ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا أُنَاسٌ قَدْ ذَبَحُوا ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، رَآهُمُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُمْ قَدْ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ) (٣).

وجهُ الدَّلالة من الأحاديث:

دلَّت ظواهر النصوص على أن الوقت المعتبر في ذبح الأضحية هو عقب الانتهاء من صلاة العيد، حيث إن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن أن حكم الذبح قبل الصلاة لا يجزئ؛ خلافًا لحكمه بعدها (٤).

الدليل الثالث: يعتبر في حق أهل القرى تقدير وقت الصلاة لحِلِّ الذبح؛ بسبب تعذر اعتبار حقيقة الصلاة في حقهم (٥).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - وقت التضحية لأهل الأمصار والقرى بعد طلوع الشمس يوم النحر بمقدار ما يسع ركعتين خفيفتين وخطبتين خفيفتين - بما يلي:

الدليل الأوّل: عَنِ البَرَاءِ بن عازب - رضي الله عنه - قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ النَّحْرِ،


(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب التبكير إلى العيد، (٢/ ١٩)، (٩٦٨)، ومسلم، كتاب الأضاحي، باب وقتها، (٣/ ١٥٥٢)، (١٩٦١).
(٢) هو جندب بن عبد الله بن سفيان العلقي البجلي، وعلق من بجيلة، يقال له: جندب الخير، له صحبة، نزل الكوفة ثم تحول للبصرة وحدث بهما. انظر: الجرح والتعديل (٢/ ٥١٠)، الثقات (٣/ ٥٦)، الإصابة (١/ ٦١٢).
(٣) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فليذبح على اسم الله»، (٧/ ٩١)، (٥٥٠٠)، ومسلم، كتاب الأضاحي، باب وقتها، (٣/ ١٥٥١)، (١٩٦٠).
(٤) انظر: المغني (٩/ ٤٥٢)، التوضيح، لابن الملقن (٢٦/ ٦٣٤).
(٥) انظر: الكافي، لابن قدامة (١/ ٥٤٤).

<<  <   >  >>