للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: (إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ)، فَقَامَ خَالِي … فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، قَالَ: (اجْعَلْهَا مَكَانَهَا - أَوْ قَالَ: اذْبَحْهَا - وَلَنْ تَجْزِيَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ) (١).

وجهُ الدَّلالة من الحديث:

علَّقَ النبي -صلى الله عليه وسلم- حِلَّ الذبح بصلاة المضحي لا بصلاة الإمام، والمضحي له أن يصلي العيد منفردًا؛ وقد لا يوافق فعله فعل الإمام؛ فدلَّ ذلك على أن مراد الخبر وقت الصلاة، بدليل قوله: "مثل صلاتنا" (٢).

الدليل الثاني: صلاة العيد تتقدم وتتأخر وقد تفعل وقد لا تفعل، وتقديرها بمقدار مضي صلاة العيد وخطبته - لأهل القرى والأمصار - ضابط لا يختلف، فأُنيط الحكم به (٣).

الدليل الثالث: الذبح عبادة يتعلق آخرها بالوقت، فتعلق أولها بالوقت كالصوم، وكل عبادة تعلقت بالوقت في حق أهل القرى تعلقت به في حق أهل الأمصار، والعكس بالعكس؛ كعدم حِلِّ الذبح قبل الفجر في حق الجميع (٤).

يمكن أن يناقَش ما سبق من استدلال: ظواهر النصوص تدل على أن المؤثر في عدم إجزاء الأضحية هو: ذبحها قبل الصلاة، والعمل بظاهر الأخبار أَوْلى من تأويلها (٥).

واستدلَّ أصحاب القول الثالث القائل - وقت التضحية لأهل المصر بعد فراغ الإمام من الذبح ووقت التضحية للإمام هو بعد فراغه من صلاته وخطبته - بما يلي:


(١) تقدم تخريجه ص ٤٦٨.
(٢) انظر: الحاوي (٣/ ٨٦).
(٣) انظر: شرح الزركشي (٧/ ٣٤).
(٤) انظر: الحاوي (٣/ ٨٦)، الكافي، لابن قدامة (١/ ٥٤٤)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٩/ ٣٦٤).
(٥) انظر: فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٢١).

<<  <   >  >>