للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (١).

وجهُ الدَّلالة من الآية:

جاء في سبب نزول هذه الآية أنها نزلت في قوم نحروا قبل أن ينحر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبل أن يصلي، فأمرهم أن يعيدوا، فتبين بما جاء من هذا أن المراد بالآية اعتبار الصلاة وذبح الإمام لحِلِّ الذبح (٢).

الدليل الثاني: عَنِ البَرَاءِ بن عازب - رضي الله عنه - قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ: (إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ)، فَقَامَ خَالِي … فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أُصَلِّيَ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ، قَالَ: (اجْعَلْهَا مَكَانَهَا - أَوْ قَالَ: اذْبَحْهَا - وَلَنْ تَجْزِيَ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ) (٣).

وجهُ الدَّلالة من الحديث:

دلَّ قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ ذبحَ قبلَ أن يصليَ فليذبحْ أُخرى مكانَها) على أن الوقت المعتبر لحِلِّ الذبح هو فراغ الإمام منه، لأنه قال ذلك بعد ذبحه، فكأنه قال: من ذبح قبلَ فعلي هذا من الصلاة والخطبة والذبح، فليذبحْ أخرى مكانها؛ أي: فلا يعتدُّ بما ذبحه أوّلًا، ومعلوم أن فعله موردٌ لبيان الأحكام (٤).

نوقِشَ: إذا حَلَّ ذبحُ الأضحية للإمام بعد تمام الصلاة؛ فقد حلَّ لغيره؛ إذ لا معنى لانتظاره، ويؤكد عدم تعلق حِلِّ التضحية بنحر الإمام أنه لو لم يذبح لم يسقط حكم الأضحية عن سائر الناس؛ ودلالة مفهوم خطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ظاهرة في أن الذبح بعد الصلاة مجزئ؛ فلو كان ثمة شرط آخر يتعلق به الإجزاء لبيَّنه (٥).


(١) سورة الحجرات، الآية (١).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٢٢/ ٢٧٦)، الفواكه الدواني (١/ ٣٨٠).
(٣) تقدم تخريجه ص ٤٦٨.
(٤) انظر: العدة، لابن العطار (٢/ ٧٠٤ - ٧٠٥).
(٥) انظر: شرح مختصر الطحاوي (٧/ ٣٣٥)، شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٦/ ٢٥)، بداية المجتهد (٢/ ١٩٩)، التوضيح، لابن الملقن (٢٦/ ٦٣٥).

<<  <   >  >>