للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنه -: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمَدِينَةِ، فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا، وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ نَحَرَ، (فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَنْ كَانَ نَحَرَ قَبْلَهُ أَنْ يُعِيدَ بِنَحْرٍ آخَرَ، وَلَا يَنْحَرُوا حَتَّى يَنْحَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-) (١).

وجهُ الدَّلالة من الحديث:

الحديث نصٌّ في المسألة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من نحر قبله بالإعادة، وقد ذكر أنهم ظنوا أنه قد نحر؛ فدلَّ ذلك على أن هذا الحكم مشتهر؛ ولم يعذرهم بظنهم وغلطهم (٢).

نوقِشَ من وجهين:

أ. دلالة هذا الحديث يتطرق إليها الاحتمال إذ ليس فيه تصريح (بأنهم ذبحوا بعد الصلاة) فيحتمل أن ذبحهم كان قبل صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأحاديث السابق ذكرها نصَّتْ على إباحة الذبح بعد الصلاة ولم يرد فيها اشتراط لتقدم ذبح الإمام (٣).

ب. رُوِيَ الحديث من طريق آخر (٤) (أنَّ رجلًا نحر قبل أن يصلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- … ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يذبحوا قبل أن يصلي) (٥) فتبين من هذه الرواية أن النهيَ من النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما قصد به النهي عن الذبح قبل الصلاة لا قبل ذبحه، ولا يكون لنهيه معنى سوى أنه يريد إعلامهم بإباحة الذبح بعدما يصلي، وإلّا لم يكن لذكر الصلاة فائدة (٦).


(١) رواه مسلم في كتاب الأضاحي، باب سن الأضحية، (٣/ ١٥٥٥)، (١٩٦٤).
(٢) انظر: إكمال المعلم (٦/ ٤٠١).
(٣) انظر: شرح مختصر الطحاوي (٧/ ٣٣٥).
(٤) من طريق حماد عن أبي الزبير عن جابر - رضي الله عنه -.
التوضيح لابن الملقن (٢٦/ ٦٣٤).
(٥) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار، كتاب الصيد والذبائح والأضاحي، باب من نحر يوم النحر قبل أن ينحر الإمام (٤/ ١٧٢) (٦٢٠٢)، قال ابن حجر في الفتح (١٠/ ٢٢): "صححه ابن حبان ".
(٦) انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٦/ ٢٦)، التوضيح، لابن الملقن (٢٦/ ٦٣٤).

<<  <   >  >>