للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلَّ أصحاب القول الثالث القائل - الكلب طاهر، لعابه وسائر أجزائه - بما يلي:

الدليل الأوّل: قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤)} (١).

وجه الدلالة من الآية:

الكلب من الجوارح، وقد أباح الله - تعالى - تعليمها والانتفاع بها في الصيد، وأكل ما صادته، وإباحتها دليل على طهارتها، وإلا لأمر بغسلها، ولما لم يأمر بغسل صيد الكلب من أثر لعابه، دل هذا على أنه طاهر (٢).

نوقش:

هذه الآية لا دلالة فيها على عدم نجاسة الكلب؛ لأن النجس قد يجوز الانتفاع به في حال الضرورة كالميتة، والآية وردت بالإباحة، فلو حكم بتنجيس ما أصابه بفمه لخرج مدلولها عن الإباحة إلى الحظر؛ لأن لعاب الكلب يسري فيما عضه من الصيد، فلا يمكن غسله فصار معفوا عنه، ولا ينكر العفو عن شيء من النجاسة للحوق المشقة في إزالته كدم البراغيث وأثر الاستنجاء (٣).

الدليل الثاني: قال رَسُولَ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ) (٤).

وجه الدلالة من الحديث:

في الحديث دليل على إباحة الانتفاع بالكلب، وأكل ما صاده، ولو كان لعابه نجسًا لبين رسول


(١) سورة المائدة، آية (٤).
(٢) انظر: عيون الأدلة (٢/ ٧٣٣)، الإشراف (١/ ١٧٧)، المعونة، للقاضي عبدالوهاب (١/ ١٨٠).
(٣) الحاوي (١/ ٣٠٥).
(٤) رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان (١/ ٤٦) (١٧٥)، ومسلم في كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة (٣/ ١٥٢٩) (١٩٢٩).

<<  <   >  >>