للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، أو وجدت قرينة صارفة ولا قرينة هنا (١).

واستدلَّ أصحاب القول الثالث القائل - مس الذكر لا ينقض الوضوء مطلقًا- بما يلي:

الدليل الأوّل: عن قيس بن طلق (٢)، عن أبيه قال: سأل رجل رسول الله: أيتوضَّا أحدنا إذا مسَّ ذكرَهُ؟ قال: (إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ أَوْ جَسَدِكَ) (٣).

وجه الدلالة من الحديث:

بيَّن النبي أن الذكر بضعة من الجسد، فهو كسائر أعضاءه، فإما أن يكون طاهرًا أو نجسًا، ولا يجب الوضوء من مس الطاهرات ولا النجاسات، وعليه لا يجب الوضوء من مس الذكر عمدًا كان أو سهوًا (٤).

نوقش الاستدلال من وجهين:

أ. هذا الحديث "منسوخٌ بحديث نقض الوضوء؛ لأن أبا هريرة وبسرة - رضي اللَّه عنهما - أسلما (٥) بعد قدوم طلق" (٦).

أجيب بجوابين:

١ - لا اختلاف في القول بتأخر إسلام أبي هريرة وبسرة عن قدوم طلق، ولكن ادعاء النسخ فيه احتمال، وإطلاق النسخ على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - من طريق


(١) انظر: الذخيرة (١/ ٢٢٣).
(٢) هو قيس بن طلق بن علي الحنفي اليمامي، تابعي مشهور، روى عن أبيه، انظر: الجرح والتعديل (٧/ ١٠٠)، الإصابة (٥/ ٤٢١).
(٣) رواه أحمد في المسند (٢٦/ ٢١٤) (١٦٢٨٦)، والنسائي في كتاب الطهارة، الرخصة في ترك الوضوء من مس الذكر (١/ ١٣٧) (١٦٠)، وابن الجارود في المنتقى (١٨) (٢١). وقال ابن دقيق العيد في الإلمام بأحاديث الأحكام (١/ ٨٣): "صحيح"، ونقل الشوكاني في نيل الأوطار (١/ ٢٥٠): "تصحيح عمرو بن علي الفلاس".
(٤) انظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٦٦)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٢/ ٢٨).
(٥) انظر: الإصابة (٣/ ٤٣٧، ٨/ ٥١)، الأعلام، للزركلي (٣/ ٣٠٨).
(٦) مصابيح السنة، للبغوي (١/ ١٨٩)، انظر: الاستذكار (١/ ٢٤٧)، عيون الأدلة (١/ ٤٧٥)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٢/ ٢٩).

<<  <   >  >>