للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أن النبي - عليه السلام – قَرَنَ الأمر بالوضوء من لحم الإبل بالنهي عنه من لحوم الغنم، والمراد من النهي عن الوضوء من لحم الغنم هو نفي الإيجاب، فيتعين حمل الأمر بالوضوء من لحم الإبل على الإيجاب ليتحقق الفرق بينهما.

٣ - حمل معنى الوضوء على غسل اليد يلزم منه حمل الأمر على الاستحباب، لأن غسل اليد غير واجب، وقد تبين فساد ذلك.

٤ - الوضوء إذا جاء على لسان الشارع، وجب حمله على الموضوع الشرعي دون اللغوي، ولو كان المراد غسل اليد لما فرق بينه وبين لحم الغنم؛ فإن غسل اليد منه مستحب.

٥ - الأمر بالوضوء من لحم الإبل خرج جوابا للسؤال عن حكم الوضوء من لحومها، والصلاة في مباركها فلا يفهم من ذلك سوى الوضوء المراد للصلاة.

٦ - عند صرف النص عن ظاهره، لابد من دليل يصرف اللفظ، ويكون مكافئًا للظواهر المتروكة في القوة، أو يكون أقوى منها، وليس هناك دليل قوي يصرف ذلك.

ب. الحديث منسوخ بحديث جابر - رضي الله عنه - قال: (كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ) (١).

أجيب لا يصح القول بالنسخ، لوجوه منها (٢):

١ - الأمر بالوضوء من لحم الإبل متأخر عن حديث ترك الوضوء مما مست النار، ومن شروط النسخ تقدم الناسخ.

٢ - أكل لحوم الإبل ينتقض به الوضوء لكونه من لحوم الإبل، لا لكونه مما مست النار، فهو ينقض وإن كان نيئًا، ونسخ إحدى الجهتين لا يثبت به نسخ الأخرى.

٣ - خبر إيجاب الوضوء خاص، وخبر تركه عام، والعام لا ينسخ الخاص إلا إذا تعذر الجمع، وهو


(١) رواه النسائي في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما غيرت النار (١/ ١٠٨) (١٨٥). وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه (ص: ٤٦١): "قال ابن أبي حاتم: هذا حديث مضطرب المتن".
(٢) انظر: المجموع (٢/ ٥٩)، المغني (١/ ١٣٨، ١٣٩)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٢/ ٥٦)، مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٦١).

<<  <   >  >>