أما المراد بآية المتعة؛ فقوله تعالى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦]. والمتعة التي نهى عنها، ليست متعة النساء، ولا متعة فسخ الحج إلى العمرة؛ لأن شيئًا منهما لم ينزل القرآن بجوازه، بل هي متعة الحج، وهي الإحرام بالمتعة في أشهر الحج، ثم الحج من عامه، وهو نهي تنزيه بيانًا للأولى والأفضل، وحذرًا من فعله بترك إفراد الحج والتتابع عليه طلبًا للتخفيف على أنفسهم.
وفي هذا الحديث دليل على جواز العمرة في أشهر الحج، ثم الحج.
وفيه إشارة إلى جواز نَسْخِ القرآن بالسُّنَّة؛ إذ لو لم تكن كذلك، لما كان لقوله:"ولم ينه عنها" فائدة؛ حيث إن النهي يقتضي رفع الحكم الثابت بالقرآن، فلو لم يكن الرفع ممكنًا، لَمَا احتاج إلى قوله:"ولم ينه عنها"؛ إذ لا طريق لرفعه إلا جواز نسخه، وورود السنة بالنهي.
وقد يوجد من ذلك أن الإجماع لا ينسخ؛ إذ لو نسخ، لقال: ولم يتفق على المنع منها؛ لأن الاتفاق يكون سببًا لرفع الحكم، وكان يحتاج إلى نفيه، كما نفى نزول القرآن بالنسخ وورود السنَّة بالنفي.
[و] فيه دليل: على وجوب بيان اللفظ المشترك بإضافته إلى المعنى المقصود منه.