وأَنَّ بدنَ الحائض طاهرٌ غيرُ نجسٍ إذا لم يلاقِ نجاسة.
وقد استدل به بعضهم على أن من حلف ألا يخرج من بيت، أو غيره، فخرج ببعض بدنه، لم يحنث، ووجه الاستدلال: أَنَّ الحديث دل على: أن خروج بعض البدن لا يكون كخروج كله من المكان المعين الكون فيه فيما يعتبر فيه، وإذا كان كذلك، لم يحنث بخروج ذلك البعض منه؛ لأن اليمين إنما تعلقت بخروجه، وحقيقته في البدن، لا بعضه، والله أعلم.
* * *
[الحديث الرابع]
عن عائشِةَ - رضي الله عنها -، قالَتْ:"كَان رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَّكِئُ في حِجْرِي، فَيَقْرَأُ القُرْآنَ؛ وأَنا حَائِضٌ"(١).
الحجر: معروف، وهو بفتح الحاء، وكسرها، ومعنى "يتكئ في حِجْري"؛ أي: يميل بإحدى شِقَّيه في حجري، ولا شكَّ أن قراءة القرآن ممتنعة على الحائض، وقد يوهم ذلك أنه لا يجوز مخالطتها، والاتكاء في حجرها بقراءة القرآن؛ تعظيمًا للقرآن، فأرادت عائشة - رضي الله عنها - نفيَ هذا التوهُّم، ونفيَ ما كانت اليهودُ عليه من عدم مخالطة الحاثض، ومجانبتهم إياها في الأكل، والشرب، والمضاجعة، فكيف بالتلاوة، والعبادة؟!
وقد اختلف العلماء في قراءة القرآن للحائض:
فمنعه الشَّافعيُّ، وأصحابه، وجمهور العلماء.
وللشَّافعيِّ قولٌ: أَنَّه يجوز لها القراءة إذا خافت نسيانه، أو لم تجد ماءً، ولا ترابًا، وأمرناها بالصلاة، فإنها تقرأ الفاتحة على وجه لأصحاب الشافعي.
(١) رواه البخاري (٢٩٣)، كتاب: الحيض، باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض، ومسلم (٣٠١)، كتاب: الحيض، باب: الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد، وهذا لفظ مسلم.