للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خروجٌ عنه، فالتطويل في حق الإمام إضرارٌ بالمأمومين، وتقدم حكمه وعلته، والتقصير عن الإتمام بخسٌ لحقِّ العبادة، وليس المرادُ بالتقصير هنا تركَ الواجبات؛ فإن تركها مفسدٌ للصلاة، موجبٌ لنقصها، فيرفع حقيقتها، بل المراد -والله أعلم- التقصيرُ من المسنونات، والتمامُ بفعلها، والله أعلم.

فينبغي للإمام التوسطُ في ذلك، ويكون حاله دائمًا بين التفريط والإفراط؛ لأنه إذا كان هذا في الصلاة التي هي أجلُّ أركان الإسلام، فما ظنك بغيرها من العبادات والعادات، كيف وهو قدوةٌ للناس؟ والله أعلم.

* * *

[الحديث العاشر]

عَنْ أَبِي قِلابةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الجرمِيِّ البَصرِيِّ، قَالَ: جاءَنا مالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ في مَسجِدِنا هَذا، فقالَ: إني لأصلِّي بِكُمْ وَما أُرِيدُ الصَّلاةَ، أصلِّي كيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ لأَبي قِلابةَ: كيْفَ كانَ يُصَلي؟ قَالَ: مِثْلَ صَلاةِ شَيْخِنا هَذا، وَكانَ يَجْلِسُ إذا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ (١).

* أما أبو قِلابةَ:

فهو تابعيٌّ، ثقة، جليل، موصوف بالفقه، والعقل، والصلاح، سمع جماعةً من الصحابة والتابعين، وكان كثيرَ الحديث.

قال مسلمُ بنُ يَسار: لو كان أبو قلابةَ من العجمِ، كان موبذ موبذان، يعني: قاضي القضاة بالعربية (٢).

قال علي بن المديني: أبو قِلاتة عربي من جَرْم، واسمه عبد الله بن زيد بن عمر، ومات بالشام، وأدرك خلافة عمر بن عبد العزيز.


(١) رواه البخاري (٧٦٩)، كتاب: صفة الصلاة، باب: الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع.
(٢) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٧/ ١٨٣)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥١٨١)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>