للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثاني]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنه-: أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْع بَعْضٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا، فَهُوَ بِخير النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحلِبَهَا، إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ" (١). وفي لفظ: "وَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلاَثًا" (٢).

أَمَّا تَلَقِّي الرُّكبَان: فهو أن يتلقَّى طائفةً يحملون متاعًا، فيشتريه منهم قبل أن يقدموا البلد ويعرفوا الأسعار، وهو من البيوع المنهي عنها للتحريم.

وأَمَّا قولهُ - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَا يَبْع بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ"؛ فهو مفسرٌ عند الشافعية بأن تقول لمن اشترى شيئًا في مدة الخيار: افسخ هذا البيع، وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه، أو أجود منه بثمنه، ونحو ذلك، وهو حرام.

وكذا الشراء على شراء أخيه، وهو أن يقول للبائع: افسخ البيع، وأنا اشتريه منك بأكثر من هذا الثمن، ونحو ذلك.

وإنما كان تفسير البيع على بيع أخيه في مدة الخيار دون ما بعده حيث يتصور فسخ البيع يكون الخيار لهما أو لأحدهما، فيكون عقد البيع جائزًا، فيكون الفعل حرامًا.

والعقد صحيح عند من يرى: أن النهي الخارج عن ذات الشيء لا يقتضي فساده، أما إذا كان بعد انقضاء مدة الخيار، فالعقد لازم، والفعل حرام، ولا يصح البيع إجماعًا.

وخصص بعض الفقهاء هذا بما إذا لم يكن في البيع غبن فاحش، أما إذا كان المشتري مغبونًا غبنًا فاحشًا، فله أن يعلمه ليفسخ ويبيع منه بأرخص، وفي معناه


(١) رواه البخاري (٢٠٤٣)، كتاب: البيوع، باب: النهي للبائع ألا يحفل الإبل والبقر والغم، مسلم (١٥١٥)، كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرجل على بيع أخيه.
(٢) رواه البخاري (٢٠٤١)، كتاب، البيوع: باب: النهي للبائع ألا يحفل الإبل والبقر والغنم.

<<  <  ج: ص:  >  >>