للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: الكراهة؛ لكون الحديد من لباس أهل النار، فكأن هذا الوجه يقول: يجوز اتخاذه، ويكره لبسه، والله أعلم.

ومنها: جواز كون تعليم القرآن صداقًا، ويلزم منه: جواز الاستئجار لتعليم القرآن، وكل منهما جائز عند الشافعي، وبه قال عطاء، والحسن، وابن أبي صالح، ومالك، وإسحاق وغيرهم، ومنعه جماعة، منهم: الزهريّ، وأبو حنيفة، وهذا الحديث مع الحديث الصحيح: "إن أحق ما أَخَذْتُمْ عليهِ أجرًا كِتابُ الله" (١) يردُّ قولَ من منع ذلك.

ونقل القاضي عياض جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافة، سوى أبي حنيفة، والله أعلم.

* * *

[الحديث الثالث]

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَعَلَيْهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ، فَقَالَ له النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْيَمْ؟ "، فَقَالَ: يا رَسُولَ اللهِ! تَزَوَّجْتُ امْرأةً، فَقَالَ: "مَا أَصْدَقْتَهَا؟ "، قَالَ: "وَزْن نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ"، قَالَ: "فَبَارَكَ اللهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ" (٢).

تقدم الكلام على أنس غير مرة، وتكلمنا عليه.

وأَمَّا عبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ؛ فكنيته: أبو محمدِ بنُ عوفِ بنِ عبدِ عوفِ بنِ عبدِ الحارثِ بنِ زهرةَ بنِ كلابِ بنِ مرةَ بنِ كعبِ بنِ لؤيٍّ القرشيُّ الزهريُّ. كان


(١) رواه البخاري (٥٤٠٥)، كتاب: الطب، باب: الشرط في الرقية بقطيع من الغنم، عن ابن عباس - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٦٠٢٣)، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء للمتزوج، ومسلم (١٤٢٧)، كتاب: النكاح، باب: الصداق، إلا أن عندهما: "أثر صفرة" بدل "ردع زعفران"، قلت: ولفظ "ردع زعفران" لم يقع في "الصحيحين"، وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٢٣٣)، و "شرح مسلم" للنووي (٩/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>