ومنها: معجزات كثيرة لرسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -؛ في قوله لسعد؛ من طول عمره، وفتح البلاد، وانتفاع أقوام به، وتضرر آخرين بحياته، ودعائه لهم وعليهم.
ومنها: منقبةٌ ظاهرة لسعد - رضي الله عنه -، وفضائل عديدة.
ومنها: كمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - على جميع خلق الله تعالى؛ الأحياءِ منهم والأموات، على حسب مراتبهم، وتقيدها بالشرع، والله أعلم.
* * *
[الحديث الثالث]
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ غضُّوا مِنَ الثُّلُثِ إلَى الرُّبُعِ؛ فَإنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - قَالَ:"الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ"(١).
أما قولُ ابنِ عباس:"غَضُّوا"، فهو بالغين والضاد المعجمتين؛ أي: نقصوا.
وقوله:"لو أَن النَّاسَ عضُّوا"، هي صيغة فيها ضعف ما بالنسبة إلى طلب الغضِّ إلى ما دون الثُّلث.
وقد تقدم الكلام على قوله:"الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثيِرٌ" في حديث سعد بن أبي وقاص قبله.
وفي الحديث دليل: على استحباب النقص عن الثُّلث مطلقًا، وتقدم ذكرنا لمذهب الشَّافعي: أنه إذا كان ورثته أغنياء، استحبَّ الإيصاء بالثُّلث، وإلا، فيستحب النقص.
ومذهب جمهور العلماء: استحباب النَّقص مطلقًا، وعن أبي بكر الصدِّيق - رضي الله عنه -: أنه أوصى بالخمس، وعن عليّ - رضي الله عنه - نحوه، وعن ابن عمر وإسحاق: بالربع، وقال آخرون: بالسدس، وآخرون بدونه، وقال
(١) رواه البُخاريّ (٢٥٩٢)، كتاب: الوصايا، باب: الوصيَّة بالثُّلث، ومسلم (١٦٢٩)، كتاب: الوصيَّة، باب: الوصيَّة بالثُّلث، وهذا لفظ مسلم.