إعمال اليدين في الصلاة، وإخراج هيئتهما إلى صفة الاجتهاد عن صفة التكاسل والاستهانة، ولفظ الحديث في الكتاب ليس مقيدًا بالسجود، فدخل فيه الركوع -أيضًا-؛ لأنَّ قوله:"كان إذا صلى، فرج"، فيشمل الركوع والسجود، والحكم فيهما كذلك عند الفقهاء، وقد يلزم من ذلك الحمل على الجبهة في السجود، كما ذكره بعض الفقهاء، وقد خصص الفقهاء المجافاة والتحوية بالرجال، وقالوا: المرأة تضم بعضها إلى بعض؛ لأنَّ المقصود منها التصون والتجمع والتستر، وتلك الحالة أقرب إلى هذا المقصود.
ففي الحديث دليل على: شرعية المجافاة عن الجنبين، وعدم بسطهما على الأرض؛ فإنه لا يرى بياض الإبطين مع بسطهما.
وفيه: الاقتداء بفعله كما يُقتدى بقوله.
وفيه: التحامل على الجبهة في السجود، والله أعلم.
* * *
[الحديث الثاني عشر]
عَنْ أَبِي مَسلَمَةَ سَعِيدِ بن يَزِيدَ، قَالَ: سألتُ أَنس بن مالِكٍ: أَكَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي في نَعلَيه؟ قَالَ: نَعَمْ (١).
* أما أبو مسلمةَ:
فهو ثقة، محتج به في الصحيحين، وغيرهما، وهو أزدي بصري تابعي صغير، ويقال له: الطاحي القصير، والطاحي -بالطاء والحاء المهملتين- نسبة إلى طاحية: بطن من الأزد، واسم جده مسلمة، فهو أبو مسلمة سعيدُ بن يزيد بن مسلمة.
وقال أبو حاتم بن حبَّان في التابعين من "ثقاته": كنيته أبو مسلمة الطحان،
(١) رواه البخاري (٣٧٩)، كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في النعال، ومسلم (٥٥٥)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: جواز الصلاة في النعلين، وهذا لفظ البخاري.