لأنه مبني على التخفيف، وقد ظهرت العناية بالدعاء بهذه الأمور؛ حيث أمرنا بها في كل صلاة، وهي حقيقة بذلك؛ لعظم الأمر فيها، وشدة البلاء في وقوعها، ولأن أكثرها أمور إيمانية غيبية، فتكررها على النفس يجعلها مَلَكة لها، وفيها التعبير عن الاستعاذة بصيغة من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه يمكن التعبير عنها بغير هذا اللفظ، وهو جائز يحصل به المقصود، فإن معنى أعوذ: أعتصم، لكن الأولى امتثالُ الأمر بقول ما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم.
وفي الحديث الرد على أبي حنيفة - رحمه الله -؛ حيث منع الدعاء في الصلاة إلا بألفاظ القرآن العظيم.
واعلم أن محل الدعاء من الصلاة مواطن:
منها: هذا الموطن بين التشهد والتسليم.
ومنها: دعاء الاستفتاح بين تكبيرة الإحرام وقبل قراءة الفاتحة.
ومنها: الدعاء في السجود.
ومنها: الدعاء في الجلوس بين السجدتين.
ومنها: في الركوع.
ومنها: الدعاء في تلاوته فيها، وهو إذا مر بآية فيها سؤال سأل، وإذا مر بآية فيها تعوذ تعوذ، وقد وردت في كل موطن منها أحاديث صحيحة وحسنة وضعيفة، منها أحاديث خُرِّجَتْ في "الصحيحين" وغيرهما، ويدل أيضًا عليها حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - الذي سنذكره إن شاء الله تعالى، وهو هذا.
* * *
[الحديث الرابع]
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاِتي، قَالَ: "قُلِ: اللَّهُمَّ إنِّي