على خلاف ما ذكره الفقهاء في صلاة الكسوف؛ من عدم إعادتها إذا صليت ولم تنجل؛ لوجهين:
أحدهما: أنه أمر بمطلق الصلاة، لا بالصلاة على هذا الوجه المخصوص، ومطلق الصلاة شائع إلى حين الانجلاء.
الثاني: لو سلمنا أن المراد الصلاة الموصوفة بالوصف المذكور، لكان لنا أن نجعل هذه الغاية لمجموع الأمرين؛ أعني: الصلاة والدعاء، ولا يلزم من كونهما غاية لمجموع الأمرين أن يكونا غاية لكل واحد منهما على انفراده بخلاف، فجاز أن يكون الدعاء ممتدًا إلى غاية الانجلاء بعد الصلاة على الوجه المخصوص مرة واحدة، ويكون غاية المجموع (١).
وفي الحديث دليل على: التنبيه بالاعتبار بآيات الله وحدوث ظهورها، وعلى عظيم قدرته وإلهيته -سبحانه وتعالى-، وعلى أن الكواكب وغيرها لا فعلَ لها ولا تأثيرَ، وإنما هي علامات، وعلى الرجوع إلى الله تعالى عند الحوادث المخالفة للعادة بالصلاة والدعاء، خصوصًا إذا خشي زوال نعم الله تعالى فيها، وعلى شرعية صلاة الكسوف، والتوجه إلى الله تعالى عنده، وعلى وجوب البيان للأمور، خصوصًا إذا اعتقد خلاف الصواب فيها، وعلى الاجتهاد في السؤال لله تعالى، والعبادة حال وجود الحوادث حتى تزول.
* * *
[الحديث الثالث]
عَنْ عَائشِةَ -رَضيَ اللهُ عَنهَا-: أنهَا قَالَتْ: خُسِفَتِ الشمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَصَلى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالناسِ، فَأطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَكعَ فأطالَ الرُّكُوعَ، ثُم قَامَ فأطالَ القِيَامَ، وَهُوَ دُونَ القِيَام الأَولِ، ثُم رَكَعَ فَأطالَ الركُوعَ، وَهُوَ دُونَ الركوعِ الأَولِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأطَالَ السجُودَ، ثُم فَعَلَ في الركْعَةِ الأخْرَى